المسألة الثامنة: في الحديث دليل على جواز نسخ السنة بالقرآن، قال البدر العيني رحمه الله: وهو جائز عند الجمهور من الأشاعرة والمعتزلة، وللشافعي فيه قولان، قال في أحد قوليه: لا يجوز، كما لا يجوز عنده نسخ القرآن بالسنة قولًا واحدًا، وقال عياض: أجازه الأكثر عقلًا وسمعًا، ومنعه بعضهم عقلًا، وأجازه بعضهم عقلًا، ومنعه سمعًا.
قال الإمام فخر الدين الرازي: قطع الشافعي، وأكثر أصحابنا، وأهل الظاهر، وأحمد في إحدى روايتيه بامتناع نسخ الكتاب بالسنة المتواترة، وأجازه الجمهور، ومالك، وأبو حنيفة، رضي الله عنهم.
واستدل المجوزون على المسألة الأولى بأن التوجه نحو بيت المقدس لم يكن ثابتًا بالكتاب، وقد نسخ بقوله تعالى:{وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: ١٤٤].
وأجيب من جهة الشافعي بأنما هي نسخ قرآن بقرآن، وأن الأمر كان أوَّلًا بتخيير المصلي أن يُوَلِّيَ وجهه حيث شاء بقوله تعالى {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ}[البقرة: ١١٥]، ثم نسخ باستقبال القبلة.
وأجاب بعضهم بأن قوله تعالى {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} مجمل، فُسِّرَ بأمور: منها التوجه إلى بيت المقدس، فيكون كالمأمور به لفظًا في الكتاب، فيكون التوجه إلى بيت المقدس بالقرآن بهذه الطريقة، وباحتمال أن المنسوخ كان قرآنًا نسخ لفظه.
وقال بعضهم: النسخ كان بالسنة، ونزل القرآن على وفقها، ورد