الأول والثاني بأنا لو جوزنا ذلك لأفضى إلى أن لا يعلم ناسخ من منسوخ بعينه أصلًا، فإنهما يطردان في كل ناسخ ومنسوخ.
والثالث مجرد دعوى، فلا تقبل.
قالوا: قال الله تعالى: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤] وصفه بكونه مبينًا، فلو جاز نسخ السنة بالقرآن لم يكن النبي مبينًا، واللازم باطل، فالملزوم مثله، أما الملازمة فلأنه إذا أثبت حكمًا، ثم نسخه الله تعالى بقوله لم يتحقق التبيين، لأن المنسوخ مرفوع لا مبين، لأن النسخ رفع، لا بيان.
وأما بطلان اللازم فلقوله:{لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤] حيث وصفه بكونه مبينًا.
قلنا: لا نسلم الملازمة، لأن المراد بالتبيين البيان، ولا نسلم أن النسخ ليس ببيان، فإنه بيان لانتهاء أمر الحكم الأول، ولئن سلمنا أن النسخ ليس ببيان، وأن المراد منه بيان العام، والمجمل، والمنسوخ، وغيرها، لكن نسلم أن الآية تدل على امتناع كون القرآن ناسخًا للسنة.
وقالوا: لو جاز ذلك لزم تنفير الناس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وعن طاعته، لأنه يوهم أن الله تعالى لم يرض بما سنه الرسول - صلى الله عليه وسلم -، واللازم باطل، لأنه مناقض للبعثة. فالملزوم كذلك.
قلنا: الملازمة ممنوعة، لأنه إذا علم أنه مبلغ فلا تنفير، ولا تنفر، لأن الكل من عند الله تعالى (١).