المسألة التاسعة: في الحديث دليل على جواز نسخ المتواتر بخبر الواحد، قال القاضي: وإليه مال القاضي أبو بكر وغيره من المحققين، ووجهه أن العمل بخبر الواحد مقطوع به، كما أن العمل بالقرآن والسنة المتواترة مقطوع به، وإن الدليل الموجب لثبوته أوّلًا غير الدليل الموجب لنفيه وثبوت غيره، قال البدر العيني: اختاره الإمام الغزالي، والباجي من المالكية، وهو قول أهل الظاهر. اهـ. انظر "العمدة" جـ ١ ص ٢٤٧.
وقال العلامة القرطبي رحمه الله: وفيها -يعني الآية المذكورة في النسخ- دليل على جواز القطع بخبر الواحد، وذلك أن استقبال بيت المقدس كان مقطوعًا به من الشريعة عندهم، ثم إن أهل قباء لما أتاهم الآتي، وأخبرهم أن القبلة قد حُوِّلَت إلى المسجد الحرام قبلوا قوله، واستداروا نحو الكعبة، فتركوا المتواتر بخبر الواحد، وهو مظنون (١).
قال الجامع عفا الله عنه: الصحيح الذي عليه المحققون أن خبر الواحد الصحيح يفيد العلم القطعي، وقد كتبت في تحقيق هذا الموضوع في شرحي على "ألفية السيوطي في الحديث" بحثًا طويلًا نفيسًا، وذكرت من رجح هذا الرأي من المحققين، وحججهم التي استندوا إليها، أسأل الله تعالى أن يوفقني لإكماله، ويسهل طبعه، وينفع به، إنه سميع قريب مجيب.