المسأله العاشرة: أنه قال المازري: اختلفوا في النسخ إذا ورد متى يتحقق حكمه على المكلف، ويحتج بهذا الحديث لأحد القولين، وهو أنه لا يثبت حكمه حتى يبلغ المكلف، لأنه ذكر أنهم تحولوا إلى القبلة، وهم في الصلاة، ولم يُعيدُوا ما مضى، فهذا يدل على أن الحكم إنما يثبت بعد البلاغ، وقال غيره: فائدة الخلاف في هذه المسألة في أن ما فُعِلَ من العبادات بعد النسخ وقبل البلوغ هل يعاد أم لا؟ ولا خلاف أنه لا يلزم حكمه قبل تبليغ جبريل عليه السلام.
وقال الطحاوي رحمه الله: وفيه دليل على أن من لم يعلم بفرض الله، ولم تبلغه الدعوة، ولا أمكنه استعلام ذلك من غيره، فالفرض غير لازم، والحجة غير قائمة عليه.
وقال القاضي: قد اختلف العلماء فيمن أسلم في دار الحرب، أو أطراف بلاد الإسلام حيث لا يجد من يستعلم منه الشرائع، ولا علم أن الله فرض شيئًا من الشرائع، ثم بعد ذلك، هل يلزمه قضاء ما مَرَّ عليه من صيام وصلاة لم يعملها؟
فذهب مالك والشافعي في آخرين إلى إلزامه، وإنه قادر على الاستعلام، والبحث، والخروج إلى ذلك، وذهب أبو حنيفة إلى أن ذلك يلزمه إن أمكنه أن يستعلم، فلم يستعلم، وفَرَّطَ، وإن كان لا يحضره من يستعلمه، فلا شيء عليه، قال: وكيف يكون ذلك فرض