ومنها: بيان سماحة الشريعة، حيث سَهَّلَت في تأخير الصلاة، مع أن المبادرة إلى الطاعة هو المطلوب، دفعًا للحرج، قال الله تعالى:{وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}[الحج: ٧٨].
المسألة الخامسة: اختلف العلماء القائلون بمشروعية الإبراد في الأمر الوارد في هذا الحديث، هل هو للوجوب، أم للاستحباب؟
فقال الجمهور: إنه للاستحباب، وحكى القاضي عياض وغيره: أن بعضهم ذهب إلى الوجوب، وقال الحافظ: وغفل الكرماني، فنقل الإجماع على عدم الوجوب. وقال البدر العيني: فإن قلت: ما القرينة الصارفة عن الوجوب، وظاهِرُ الكلامِ يقتضيه؟ قلت: لَمَّا كانت العلة فيه دفعَ المشقة عن المصلي لشدة الحر، وكان ذلك للشفقة عليه، فصار من باب النفع له، فلو كان للوجوب يصير عليه، ويعود الأمر على موضوعه بالنقض. اهـ "عمدة" جـ ٥ ص ٢٠ - ٢١.
وقال الحافظ أبو محمد بن حزم رحمه الله: وإنما لم نَحْمِلِ الأمرَ على الوجوب، لحديث خَبَّابٍ رضي الله عنه، قال:"شكونا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شدة الرمضاء، فلم يُشْكِنَا"، قال زهير: قلت لأبي إسحاق: أفي الظهر في تعجيلها؟ قال: نَعم. اهـ "المحلى" بتصرف جـ ٣ ص ١٨٤ - ١٨٥. وهو الحديث المتقدم للمصنف برقم (٤٩٧) وفيما قاله ابن حزم نظر سيأتي، إن شاء الله. والله تعالى أعلم.