قال الجامع: فتبين بهذا كله أن الأكثرين على تصحيحه، ويؤيد ذلك ما تقدم؛ حديث أنس:"كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا كان البرد بَكَّر بالصلاة، وإذا كان الحر أبرد بالصلاة".
والحاصل: أن الراجح كون حديث خباب منسوخًا، وأن أرجح المذاهب مذهب من قال بالإبراد في اشتداد الحر مطلقًا، سواء كان جماعة، أو منفردًا، لقوة دليله. والله أعلم.
وقال العلامة الشوكاني رحمه الله بعد ذكر نحو ما تقدم: ولو نسلم جهل التاريخ، وعدم معرفة المتأخر لكانت أحاديث الإبراد أرجح، لأنها في الصحيحين، بل في جميع الأمهات بطرق متعددة، وحديث خباب في مسلم فقط، ولا شك أن المتفق عليه مقدم، وكذا ما جاء بطرق. اهـ "نيل الأوطار" جـ ٢ ص ٣٢ - ٣٣.
المسألة السابعة:
قيل: لفظ الصلاة عام بناء على أن المفرد الْمُعَرَّف بالألف واللام للعموم، فيتناول سائر الصلوات، وذلك يقتضي تأخير كل منها في شدة الحر، وبه قال الجمهور في الظهر، كما تقدم، وقال به أشهب وحده في صلاة العصر؛ قال: تؤخر ربع القامة، وقال به أحمد بن حنبل في رواية عنه في صلاة العشاء، فَرَأى تأخيرها في الصيف، وتعجيلها في الشتاء، وعكس ابن حبيب من المالكية، فَرَأى تأخيرها في الشتاء لطول الليل، وتعجيلها في الصيف، لقصره.