للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

منا" ما معناه: مذهب أهل السنة والفقهاء أن من حمل السلاح على المسلمين بغير حق ولا تأويل ولم يستحله فهو عاص ولا يكفر بذلك، فإن استحله كفر، فقيل هذا الحديث محمول على المستحل بغير تأويل فيكفر، ويخرج من الملة، وقيل: معناه ليس على سيرتنا الكاملة، وهدينا.

وكان سفيان بن عيينة رحمه الله يكره من يفسره بليس على هدينا،

ويقول: بئس هذا القول. يعني بل يمسَك عن تأويله ليكون أوقع في النفوس، وأبلغ في الزجر. والله أعلم. اهـ كلام النووي.

والحاصل أن مثل هذه النصوص واردة مورد الزجر والتحذير فهي في حق من استحلها. واستخف بأوامر الشارع ونواهيه على ظاهرها. وفي حق من ترك العمل بها تهاونا وتكاسلا تكون للتغليظ في الزَّجر، ففي هذا الحديث من لم يأخذ من شاربه بُغْضًا لهدي النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقليدا لأعداء الإسلام من المجوس والمشركين فلا شك في كفره وخروجه عن الإسلام ومن ترك ذلك تهاونا وتكاسلا مع اعترافه بعصيانه معتذرا بأعذار لا قيمة لها في نظر الشرع فهو زائغ عن الصراط المستقيم، حائد عن الهدي النبوي غير خارج به عن الإسلام، إلا أنه على خطر عظيم، قال الله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: ٦٣] فلا ينبغي لمن كان حريصًا على دينه أن يتهاون في مثل هذا الأمر، نسأل الله تعالى أن يجنبنا المخالفة، ويهدينا وإخواننا الصراط المستقيم، إنه ولي ذلك والقادر عليه.

وقد استدل بهذا الحديث، وبحديث "احفوا الشوارب" ونحوهما على وجوب قص الشارب ابن حزم رحمه الله كما في الفتح، وزاد في المنهل بعض الحنفية، والجمهور على استحبابه.

قال الجامع: الظاهر القول الأول. والله أعلم.