قال أبو عمر: إنما جعل الشافعي وقت الاختيار، لحديث إمامة جبريل، وحديث العلاء، عن أنس "تلك صلاةُ المنافقين" (١) ونحوها من الآثار، ولم يقطع بخروج وقتها، لحديث أبي هريرة الذي ذكره. ومذهب مالك نحو هذا.
وقد كان يلزم الشافعي أن لا يشرك بين الظهر والعصر في الوقت لأصحاب الضرورات، لخروج وقت الظهر عنده بكمال المثل، ولكن وقت العصر عنده وقت رفاهية ومقام لا يتعدى ما جاء فيه، وأما أصحاب الضرورات فأوقاتهم كأوقات المسافر، لعذر السفر، وضرورته، والسفر عنده تشترك فيه صلاتا النهار، وصلاتا الليل.
وأما مالك فقد رَوَى عنه ابنُ وهب وغيره أن الظهر والعصر آخر وقتهما غروب الشمس، وهو قول ابن عباس، وعكرمة مطلقًا، ورواية ابن وهب عن مالك لذلك محمولة عند أصحابه لأهل الضرورات، كالمغمى عليه، ومن أشبهه. وروى ابن القاسم عن مالك: آخر وقت العصر اصفرار الشمس.
وقال أبو يوسف، ومحمد: وقت العصر إذا كان ظل كل شيء قامته، فيزيد على القامة إلى أن تتغير الشمس.