المرفوعة، فأما الإقتصار على القص ففي حديث المغيرة بن شعبة: ضفْتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان شاربي وفي فقصه على سواك. أخرجه أبو داود، واختلف في المراد بقوله: على سواك، فالراجح أنه وضع سواكا عند الشفة تحت الشعر وأخذ الشعر بالمقص، وقيل المعنى قصه على أثر سواك، أي بعد ما تسوك، ويؤيد الأول ما أخرجه البيهقي في هذا الحديث قال فيه "فوضع السواك تحت الشارب، وقص عليه" وأخرج البزار من حديث عائشة، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أبصر رجلًا وشاربه طويل، فقال "ائتوني بمقص وسواك" فجعل السواك على طرفه، ثم أخذ ما جاوزه. وأخرج الترمذي من حديث ابن عباس وحسنه: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يقص شاربه، وأخرج البيهقي والطبراني من طريق شرحبيل بن مسلم الخولاني قال: رأيت خمسة من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقصون شواربهم: أبو أمامة الباهلي، والمقدام بن معدي كرب الكندي، وعقبة بن عوف السلمي، والحجاج بن عامر الثمالي، وعبد الله بن بسر.
وأما الإحفاء ففي رواية ميمون بن مهران عن عبد الله بن عمر قال: ذكر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المجوس فقال:"إنهم يوفون سبالهم، ويحلقون لحاهم فخالفوهم" قال: فكان ابن عمر يستقرض سَبَلَته فيجزها كما يجز الشاة أو البعير. أخرجه الطبري والبيهقي، وأخرجا من طريق عبد الله ابن أبي رافع قال: رأيت أبا سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وابن عمر، ورافع بن خديج، وأبا أسيد الأنصاري، وسلمة بن الأكوع، وأبا رافع ينهكون شواربهم كالحلق، لفظ الطبري، وفي رواية البيهقي: يقصون شواربهم مع طرف الشفة، وأخرج الطبري من طرق عن عروة وسالم والقاسم وأبي سلمة أنهم كانوا يحلقون شواربهم، قال الحافظ: وقد تقدم في أول الباب أثر ابن عمر أنه كان يحفي شاربه حتى ينظر إلى بياض الجلد، لكن كل ذلك محتمل لأن يراد استئصال جميع الشعر