قال الجامع: فيما قاله نظر لا يخفى، فأذان بلال بين في الحديث سببه، وهو أنه يوقظ النائم ويرجع القائم، لا لأجل صلاة الصبح، كما زعمه، فتبصر.
وقال الطحاوي: يجوز أن يكون بلال كان يؤذن في وقت يرى أن الفجر قد طلع فيه ولا يتحقق ذلك لضعف بصره، ثم استدل بما رواه عن أنس مرفوعًا:"لا يغرنكم أذان بلال، فإن في بصره شيئًا". قال الطحاوي: فدل على أن بلالًا كان يريد الفجر، فيخطئه، لضعف بصره.
قال صاحب "طرح التثريب": قلت: وهذا ضعيف؛ لأن قوله عليه الصلاة والسلام:"إن بلالًا يؤذن بليل" يقتضي أن هذه كانت طريقته، وعادته دائمًا، ولو كان لا يقع ذلك منه إلا لخطأٍ لم يقع إلا نادرًا، فإنه لولا أن الغالب إصابته لا رُتِّبَ مؤذنًا، واعتُمِدَ عليه في الأوقات.
وفي "صحيح البخاري" من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يمنعن أحدكم" أو "أحدًا منكم أذان بلال من سحوره، فإنه يؤذن" أو "ينادي بليل، ليرجع قائمكم، ولينبه نائمكم … " الحديث، وهذا صريح في أنه كان يؤذن قبل الفجر، يقصد ذلك، ويتعمده. والله أعلم.
انتهى من "طرح التثريب" باختصار، وبعض تصرف جـ ٢ ص ٢٠٥ - ٢٠٧.