قال الجامع: الراجح عندي أن الأذان قبل الفجر سنة ثابتة، بأدلة صحيحة، وليس لأجل صلاة الصبح، وإنما هو لأجل أن يرجع القائم، ويستيقظ النائم، فلا يجزئ عن الأذان بعد طلوع الفجر، فتبصر، والله أعلم.
المسألة الخامسة: أنه استدل بهذا الحديث على جواز الاعتماد في الرواية على الصوت من غير رؤية المخبر بأن يكون وراء حجاب، إذا كان عارفًا بالصوت، واعتمد في ذلك على إخبار ثقة، فإن ابن أم مكتوم لم يكن يشاهد ما يعرف به دخول الوقت، وإنما كان يعتمد في ذلك على إخبار من يخبره بذلك ممن يثق به، وأقره النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وأيضًا فإنه عليه الصلاة والسلام أمر بالاعتماد على صوت المؤذن من غير مشاهدة، فإن ذلك يكون في الليل وظلمته، ولابد أن يميز صوت بلال من صوت ابن أم مكتوم، فإن لكل منهما حكمًا غير حكم الآخر، وبهذا قال جمهور العلماء من السلف والخلف. وعن
شعبة بن الحجاج منعه لاحتمال الاشتباه.
وأما في باب الشهادة فالأكثر على المنع من الاعتماد على الصوت فيها، وباب الشهادة أضيق، وبالاحتياط أجدر، ومن جوز استدل بهذا الحديث، قال المهلب: فيه جواز شهادة الأعمى على الصوت، لأنه ميز صوت من علمه الوقت ممن يثق به، فقام أذانه على قبوله مقام شهادة المخبر له. انتهى طرح التثريب جـ ٢ ص ٢١٠ - ٢١١.