في المدّ والإطالة والإسماع، ليعم الصوت، ويطول أمد التأذين، فيكثر الجمع، ويفوت على الشيطان مقصوده من إلهاء الآدمي عن إقامة الصلاة في جماعة، أو إخراجها عن وقتها، أو وقت فضليتها، فيفر حينئذ، وقد ييأس عن أن يردهم عما أعلنوا به، ثم يرجع لما طبع عليه من الأذى والوسوسة.
وقال ابن الجوزي: على الأذان هيبة يشتد انزعاج الشيطان بسببها؛ لأنه لا يكاد يقع في الأذان رياء، ولا غفلة عند النطق به، بخلاف الصلاة، فإن النفس تحضر فيها، فيفتح لها الشيطان أبواب الوسوسة، وقد ترجم عليه أبو عوانة "الدليلُ على أن المؤذن في أذانه، وإقامته منفي عنه الوسوسة، والرياء، لتباعد الشيطان منه".
وقيل: لأن الأذان إعلام بالصلاة التي هي أفضل الأعمال بألفاظ، هي من أفضل الذكر لا يزاد فيها، ولا ينقص منها، بل تقع على وفق الأمر، فيفر من سماعها، وأما الصلاة فلما يقع من كثير من الناس فيها من التفريط، فيتمكن الخبيث من المفرط، فلو قدر أن المصلي وَفَى بجميع ما أمر به فيها لم يقربه، إذا كان وحده، وهو نادر، وكذا إذا انضم إليه من هو مثله، فإنه يكون أندر. أشار إليه ابن أبي جمرة رحمه الله تعالى. انتهى. فتح جـ ٢ ص ١٠٣ - ١٠٤. والله تعالى أعلم.
المسألة الثامنة: أنه قد يستدل بهذا الحديث على أن الأذان أفضل من الإمامة، قال العراقي: وهو الذي صححه النووي، خلافًا للرافعي، فإنه صحح أفضلية الإمامة، وعن أحمد روايتان، قال: