فإن الهدي لا يبلغها، إذ هي في المسجد، وإنما أراد الحرم، ولا خلاف في هذا. انتهى.
فظهر بهذا أنه لا اختلاف بين الروايتين، إذ معناهما واحد، وهو الحرم كله، كما يأتي تحقيقه في المسائل، إن شاء الله تعالى.
فائدة:
قال ولي الدين العراقي -رحمه الله-: واعلم أن للمسجد الحرام أربع استعمالات:
أحدها: نفس الكعبة، كقوله تعالى:{فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[البقرة: ١٤٤].
الثاني: الكعبة، وما حولها من المسجد، كقوله تعالى:{سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[الإسراء: ١]، فالمراد نفس المسجد في قول أنس بن مالك، ورجحه الطبري، وفي الصحيح ما يدل له، وقيل: أسري به من بيت أم هانئ، وقيل من شعب أبي طالب، فيكون المراد على هذا في هذه الآية مكة.
الثالث: جميع مكة، ومنه قوله تعالى:{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ}[الفتح: ٢٧]، قال ابن عطية: وعظم القصد هنا إنما هو مكة.
الرابع: جميع الحرم الذي يحرم صيده، ومنه قوله تعالى:{إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ}[التوبة: ٧]، وإنما كان عهدهم