أسمع، عن سفيان عن عمار الدهني، عن أبي سلمة، عن أم سلمة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة" قال النسائي في حديث الحارث: "ما بين قبري ومنبري".
قال الجامع عفا الله عنه: رجاله رجال الصحيح، فما قاله في الفتح من أن رواية "قبري" خطأ غير صحيح، اللهم إلا إذا أراد بالنسبة
لرواية البخاري.
فالصواب أن رواية "قبري" صحيحة، ويكون ذلك علمًا من أعلام النبوة، بأن أشار - صلى الله عليه وسلم - أنه سيدفن في ذلك المحل، أو يكون من الرواية بالمعنى، والأول أولى. والله أعلم.
ثم قيل: هو على ظاهره، وأنه روضة حقيقة، بأن ينقل ذلك الموضع بعينه في الآخرة إلى الجنة.
وقال في "الفتح": قوله: "روضة من رياض الجنة": أي كروضة من رياض الجنة في نزول الرحمة، وحصول السعادة بما يحصل من ملازمة حلق الذكر، لا سيما في عهده - صلى الله عليه وسلم -، فيكون تشبيهًا بغير أداة، أو المعنى: أن العبادة فيها تؤدي إلى الجنة، فيكون مجازًا، أو هو على ظاهره، وأن المراد أنه روضة حقيقة، بأن ينتقل ذلك الموضع بعينه في الآخرة إلى الجنة. هذا محصل ما أوله العلماء في هذا الحديث، وهي على ترتيبها هذا في القوة. انتهى. "فتح" جـ ٣ ص ١٢٠.