وقالت طائفة: إنه مسجد قباء، رواه علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس، ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري عن عروة بن الزبير، وبه قال عطية العوفي، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، والشعبي، والحسن البصري، ونقله البغوي عن سعيد بن جبير، وقتادة. انظر تفسير ابن كثير جـ ٢ عى ٤٠٤ - ٤٠٥.
وقال في الفتح: وقد اختلف في المراد بقوله تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ}[التوبة: ١٠٨] فالجمهور على أن المراد به مسجد قباء، وهو ظاهر الآية، ثم ذكر حديث أبي سعيد المذكور، وغيره، ثم قال: قال القرطبي: هذا السؤال صدر ممن ظهرت له المساواة بين المسجدين في اشتراكهما في أن كلًا منهما بناه النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلذلك سئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه، فأجاب بأن المراد مسجده، وكأن المزية التي اقتضت تعيينه دون مسجد قباء، لكون مسجد قباء لم يكن بناؤه بأمر جزم من الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -، أو كان رأيًا رآه بخلاف مسجده، أو كان حصل له أو لأصحابه فيه من الأحوال القلبية ما لم يحصل لغيره. انتهى.
ويحتمل أن تكون المزية لما اتفق من طول إقامته - صلى الله عليه وسلم - بمسجد المدينة، بخلاف مسجد قباء، فما أقام به إلا أيامًا قلائل، وكفى بهذا مزية، من غير حاجة إلى ما تكلفه القرطبي.
والحق أن كلًا منهما أسس على التقوى، وقوله تعالى في بقية الآية: