التخلف عن الجماعة في المساجد بسبب أكل هذه الأمور، واللازم عن ذلك أحد أمرين: إما أن يكون أكل هذه الأمور مباحًا، وصلاة الجماعة غير واجبة على الأعيان، أو تكون الجماعة واجبة على الأعيان، ويمتنع أكل هذه الأشياء إذا آذت، إن حملنا النهي عن القربان على التحريم، وجمهور الأمة على إباحة أكلها, لقوله عليه السلام "ليس لي تحريم ما أحل الله، ولكني أكرهه"، ولأنه علل بشيء يختص به، وهو قوله عليه السلام "فإني أناجي من لا تناجي"، ويلزم من هذا أن لا تكون الجماعة في المسجد واجبة على الأعيان.
وتقريره أن يقال: أكل هذه الأمور جائز، ومن لوازمه ترك صلاة الجماعة، وترك الجماعة في حق آكلها جائز، ولازم الجائز جائز، وذلك ينافي الوجوب. انتهى. "إِحْكَام الأَحكام" جـ ٢ ص ٥١٢ - ٥١٣.
قال الجامع عفا الله عنه: قد رد بعض المحققين هذا التقرير، فقال: ليس هذا التقرير بجيد، والصواب أن أكل هذه الخضروات ذوات الرائحة الكريهة لا ينافي كون الجماعة فرض عين، كما أن حضور الطعام يسوغ ترك الجماعة لمن قدم بين يديه مع كون ذلك مباحًا.
وخلاصة الكلام أن الله سبحانه يسر على عباده، وجعل مثل هذه المباحات عذرًا في ترك الجماعة لمصلحة شرعية، فإذا أراد أحد أن يتخذها حيلة لترك الجماعة حرم عليه ذلك. والله أعلم.