للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

"المسألة السادسة": قال العلامة محمود محمَّد خطاب السبكي في المنهل العذب المورود جـ ١/ ص ١٠٩:

اعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أحرص الناس على هداية الأمة وإرشادهم إلى ما فيه فلاحهم دينا وأخرى، فلم يدع سبيلا يرشد إلى الخير إلا وقد أمر به، ولا طريقا يوصل إلى الشر إلا وقد نهى عنه، كما قال - صلى الله عليه وسلم - "ما تركت شيئًا يقربكم إلى الله تعالى إلا وقد أمرتكم به، ولا شيئا يبعدكم عن الله تعالى إلا وقد نهيتكم عنه" رواه الطبراني في الكبير عن زيد بن أرقم.

وقد امتن الله تعالى على أمته ببعثته، فقال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} [آل عمران: آية ١٦٤] فهو - صلى الله عليه وسلم - رحمة عامة، ونعمة تامة، فمن هدايته - صلى الله عليه وسلم - وشفقته علينا نهيه لنا عن البول في محل الطهارة، وإعلامه أن عامة الوسواس منه ذلك الأمر الذي يترتب عليه الخروج عن هدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واستحواذ الشيطان على من قام به، حتى يوقعه في المشقة والعناء، فيخيل لمن رآه أن به جنونا، وحسبك أن فحول العلماء المحققين قد ألفوا في ذم الوسواس كتبا مستقلة، وأطالوا الكلام بما يشفي، ويكفي.

فمن ذلك: ما ذكره ابن قدامة المقدسي في كتابه ذم الموسوسين قال: إن طائفة من الموسوسين قد تحقق منهم طاعة الشيطان، حيث اتصفوا بوسوسته، وقبلوا قوله، وأطاعوه، ورغبوا عن اتباع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحابته، حتى إن أحدهم ليرى أنه إذا توضأ وضوء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو صلى كصلاته فوضوؤه باطل، وصلاته غير صحيحة، ويرى أنه إذا فعل مثل فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مؤاكلة الصبيان، وأكل طعام عامة المسلمين