ثم عطف عَلَى العلة المذكورة علة أخرى، فقال (وإِن أحب الأعمال إِلى الله -عز وجل- أدومه، وإِن قلّ) أي ولأن الأحب من الأعمال إلى الله عز وجل أكثره دواماً.
قال ابن العربي: معنى المحبة من الله تعالى تعلق الإرادة بالثواب، أي أكثر الأعمال ثواباً أدومها، وإن قل.
قال الجامع: هذا تأويل لمعنى المحبة بلازمها، وهذا غير صحيح؛ لأنه يؤدي إلى نفي صفة المحبة عن الله تعالى بمعناها الحقيقي اللائق به سبحانه وتعالى، فالصواب إثباتها له، كما أثبتتها النصوص الصحيحة من الكتاب والسنة على المعنى اللائق به سبحانه وتعالى، كسائر صفاته العلية، من الرضا، والإرادة، والقدرة، والعلم، وغيرها من غير فرق. ولا يلزم في ذلك تشبيهه بالمخلوقين؛ إذ صفاته تعالى لا تشبه صفات المخلوقين، كما أن ذاته تعالى لا تشبه ذواتهم، ولا فرقَ. وإنما يلزم التشبيه لو أثبتناها على المعنى الذي تفسر به إذا كانت للمخلوق، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيرًا، فتبصر، ولا تتحير، واسلك سبيل السلف، تسلم من الضلال والتلف.
وقال النووي رحمه الله: وفيه الحث على المداومة على العمل، وأن قليله الدائم خير من كثير ينقطع، وإنما كان القليل الدائم خيراً من الكثير المنقطع؛ لأن بدوام القليل تدوم الطاعة، والذكر، والمراقبة،