الزُّبَيْدي، والأوزاعي، وله من طريق أبي أويس:"لَمَّا ساء بصري"، وللإسماعيلي من طريق عبد الرحمن بن نَمِر:"جعل بصري يَكِلّ". ولمسلم من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت:"أصابني في بصري بعض الشيء". وكل ذلك ظاهر في أنه لم يكن بلغ العمى إذ ذاك.
وقد قيل: إن رواية مالك معارضة لرواية غيره. قال الحافظ: وليست عندي كذلك، بل قول محمود:"إن عتبان بن مالك كان يؤم، وهو أعمى" أي حين لقيه محمود، وسمع منه الحديث، لا حين سؤاله للنبي -صلى الله عليه وسلم-، وبينه قوله في رواية يعقوب:"فجئت إلى عتبان، وهو شيخ أعمى، يؤم قومه". وأما قوله:"وأنا ضرير البصر" أي أصابني فيه ضرّ، كقوله:"أنكرت بصري". ويؤيد هذا الحمل قوله في رواية ابن ماجه من طريق إبراهيم بن سعد أيضاً:"لما أنكرت من بصري".
وقوله في رواية مسلم:"أصابني في بصري بعض الشيء"، فإنه ظاهر في أنه لم يكمل عماه، لكن رواية مسلم من طريق حماد بن سلمة، عن ثابت بلفظ:"أعمى، فأرسل".
وقد جمع ابن خزيمة بين رواية مالك وغيره من أصحاب ابن شهاب، فقال: قوله: "أنكرت بصري" هذا اللفظ يطلق على من في بصره سوء، وإن كان يبصر بصراً ما، وعلى من صار أعمى لا يبصر شيئاً. انتهى.
قال الحافظ: والأولى أن يقال: أطلق عليه عمى لقربه منه، ومشاركته له في فوات بعض ما كان يعهده في حال الصحة. وبهذا