للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والاتباع، أي جعل الإمام إماماً ليُقتَدَى به، ويُتَّبَعَ، ومن شأن التابع أن لا يسبق متبوعه، ولا يساويه، ولا يتقدم عليه في موقفه، بل يراقب أحواله، ويأتي على أثره بنحو فعله، ومقتضى ذلك أن لا يخالفه في شيء من الأحوال.

وقال النووي وغيره: متابعة الإمام واجبة في الأفعال الظاهرة، وقد نبه عليها في الحديث، فذكر الركوع، وغيره، بخلاف النية، فإنها لم تذكر، وقد خرجت بدليل آخر. وكأنه يعني قصة معاذ الآتية (٤١/ ٨٣٥).

قال الحافظ رحمه الله: ويمكن أن يستدلّ من هذا الحديث على عدم دخولها؛ لأنه يقتضي الحصر في الاقتداء به في أفعاله، لا في جميع أحواله، كما لو كان محدثاً، أو حامل نجاسة، فإن الصلاة خلفه تصح لمن لم يعلم حاله على الصحيح عند العلماء، ثم مع وجوب المتابعة ليس شيء منها شرطاً في صحة القدوة إلا تكبيرة الإحرام.

واختلف في السلام، والمشهور عند المالكية اشتراطه مع الإحرام، والقيام من التشهد الأول، وخالف في ذلك الحنفية، فقالوا: تكفي المقارنة، قالوا: لأن معنى الائتمام الامتثال، ومن فعل مثل فعل إمامه عُدَّ ممتثلاً. انتهى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: ما قاله الحنفية مخالف لصريح الحديث الذي يوجب تأخر فعل المأموم عن فعل الإمام كما سيأتي تحقيقه، إن


(١) فتح جـ ٢ ص ٤٠٦.