وقالت طائفة: إن صلى الإِمام قاعدًا صلى المأمومون قيامًا إذا أطاقوا، وصلى كل واحد فرضه، هذا قول الشافعي، قال: أمْرُ النبي -صلى الله عليه وسلم- في حديث أنس، ومن حدث معه في صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى بهم جالسًا، ومن خلفه جلوس منسوخ بحديث عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- صلى بهم في مرضه الذي مات فيه جالسًا، وصلوا خلفه قيامًا.
وقال سفيان الثوري في رجل صلى بقوم جالسًا مريضًا، وهم جلوس، قال: لا يجزيه، ولا يحزيهم.
وقال أصحاب الرأي في مريض صلى قاعدًا يسجد ويركع، فائتم به قوم، فصلوا خلفه قيامًا، قال: يجزيهم، وإن كان الإِمام قاعدًا يومىء إيماء، أو مضطجعًا على فراشه يومىء إيماء، والقوم يصلون قيامًا، قال. لا يجزيه، ولا يجزي القوم في الوجهين جميعًا. وقال أبو ثور كما قال الشافعي.
وفي المسألة قول ثالث، قاله مالك، قال: لا ينبغي لأحد أن يؤم الناس قاعدًا، وحكي عن المغيرة أنه قال: ما يعجبني أن يصلي الإِمام بالقوم جلوسًا، وقد روينا عن جابر الجعفي، عن الشعبي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:"لا يَؤُمَّنَّ أحد بعدي جالسًا".
قال أبو بكر: وهذا خبر واهٍ تحيط به العلل، جابر متروك الحديث، والحديث مرسل، وهو مخالف للأخبار الثابتة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كثيراً. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله تعالى ملخصًا (١).