ومنها: أن الحديث دليل لمذهب الجمهور القائلين بصحة صلاة المنفرد، ووحه الاستدلال أنه -صلى الله عليه وسلم- لم يستفصله مع قيام الاحتمال، هل صلى مع الجماعة، أم صلى وحده؟ وهذا لا ينافي القول بوجوب الجماعة؛ لأن الراجح أنها واجبة، وليست شرطاً لصحة الصلاة، كما تقدم تحقيقه في محله. والله تعالى أعلم.
المسألة الخامسة: في اختلاف أهل العلم في حكم من صلى صلاة، ثم وجد جماعة:
ذهب جمهور الفقهاء -كما قال الحافظ أبو عمر رحمه الله- إلى أن من صلى في بيته وحده، ثم دخل المسجد، فأقيمت تلك الصلاة يصليها معهم، ولا يخرج حتى يصلي، وأما من صلى جماعة، فلا يعيد، وممن قال بهذا القول مالك بن أنس، وأبو حنيفة، والشافعي، وأصحابهم. واحتجوا بحديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا:"لا تصلوا صلاة في يوم مرتين". وسيأتي للمصنف بعد بابين.
وذهب أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، وهو قول داود إلى أنه يصليها ثانية في جماعة. قال أحمد: ولا يجوز له أن يخرج إذا أقيمت الصلاة حتى يصليها، وإن كان قد صلى في جماعة واحتج بقول أبي هريرة رضي الله عنه في الذي خرج عند الإقامة من المسجد: أما هذا فقد عصى أبا القاسم -صلى الله عليه وسلم-.
وروي عن أبي موسى الأشعري، وحذيفة بن اليمان، وأنس بن مالك، وصِلَة بن زُفَر، والشعبي، والنخعي إعادة الصلاة في جماعة