واحتج الجمهور بالأحاديث الصحيحة، كحديث عبادة المذكور في الباب:"لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب"؛ لأن النفي يتوجه إلى الذات إن أمكن انتفاؤه، وإلا توجه إلى ما هو أقرب إلى الذات، وهو الصحة، لا إلى الكمال؛ لأن الصحة أقرب المجازين، والكمال أبعدهما، والحمل على أقرب المجازين واجب، وتوجه النفي ههنا إلى الذات ممكن، كما قال الحافظ في "الفتح"؛ لأن المراد بالصلاة معناها الشرعي، لا اللغوي، لما تقرر من أن ألفاظ الشارع محمولة على عرفه، لكونه بعث لتعريف الشرعيات، لا لتعريف الموضوعات اللغوية، وإذا كان المنفي الصلاة الشرعية استقام نفي الذات؛ لأن المركب كما ينتفي بانتفاء جميع أجزائه ينتفي بانتفاء بعضها، فلا يحتاج إلى إضمار الصحة، ولا الإجزاء، ولا الكمال -كما روي عن جماعات- لأنه إنما يحتاج إليه عند الضرورة، وهي عدم إمكان انتفاء الذات، ولو سلم أن المراد هنا الصلاة اللغوية فلا يمكن توجه النفي إلى ذاتها؛ لأنها قد وجدت في الخارج -كما قاله البعض- لكان المتعين توجيه النفي إلى الصحة أو الإجزاء، لا إلى الكمال، أما أوّلًا فلما ذكرنا من أن ذلك أقرب المجاز، وأما ثانيًا فلرواية الدارقطني المذكورة في الحديث، فإنها مصرحة بالإجزاء، فيتعين تقديره.
قال العلامة الشوكاني رحمه الله: إذا تقرر هذا فالحديث صالح