وقال العلامة الشوكاني رحمه الله في قولهم:"وتعيين الفاتحة إنما يثبت بالحديث … إلخ" ما حاصله: وهذا تعويل على رأي فاسد،
حاصله رد كثير من السنة المطهرة بلا برهان، ولا حجة نيِّرة، فكم موطن من المواطن يقول فيه الشارع: لا يجزئ كذا، لا يقبل كذا، لا يصح كذا. ويقول المتمسكون بهذا الرأي: يجزئ، ويقبل، ويصح، ولمثل هذا حذر السلف من أهل الرأي.
ومن جملة ما أشادوا به هذه القاعدة أن الآية مصرحة بما تيسر، وهو تخيير، فلو تعينت الفاتحة لكان التعيين نسخًا للتخيير، والقطعي لا ينسخ بالظني، فيجب توجيه النفي إلى الكمال، وهذه الكلية ممنوعة، والسند ما تقدم من تحول أهل قباء إلى الكعبة بخبر واحد، ولم ينكر عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل مدحهم، كما تقدم ذلك في باب الاستقبال، ولو سلمت لكان محل النزاع خارجًا عنها؛ لأن المنسوخ إنما هو استمرار التخيير، وهو ظني.
وأيضًا الآية نزلت في قيام الليل، فليست مما نحن فيه.
وأما قولهم: إن الحمل على توجه النفي إلى الصحة إثبات للغة بالترجيح، وأن الصحة عرف متجدد لأهل الشرع، فلا يحمل خطاب الشارع عليه، وأن تصحيح الكلام ممكن بتقدير الكمال، فيكفي؛ لأن الواجب التقدير بحسب الحاجة. فيرده تصريح الشارع بلفظ الإجزاء، وكونه من إثبات اللغة بالترجيح ممنوع، بل هو من إلحاق الفرد المجهول