ومن جملة ما استظهروا به على توجه النفي إلى الكمال أن الفاتحة لو كانت فرضًا لوجب تعلمها، واللازم باطل، فالملزوم مثله، لما في حديث المسيء صلاته بلفظ:"فإن كان معك قرآن، وإلا فاحمد الله وكبره، وهلله" عند النسائي، وأبي داود، والترمذي، وهذا ملتزم، فإن أحاديث فرضيتها تستلزم وجوب تعلمها؛ لأن مالا يتم الواجب إلا به، واجب، كما تقرر في الأصول، وأما في حديث المسيء لا يدل على بطلان اللازم؛ لأن ذلك فرضه حين لا قرآن معه، على أنه يمكن تقييده بعدم الاستطاعة لتعلم القرآن، كما في حديث ابن أبي أوفى عند أبي داود، والنسائي، وأحمد، وابن الجارود، وابن حبان، والحاكم، والدارقطني: أن رجلًا جاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئًا، فعلمني ما يجزيني في صلاتي، فقال:"قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله".
ولا شك أن غير المستطيع لا يكلف؛ لأن الاستطاعة شرط في التكليف، فالعدول ها هنا إلى البدل عند تعذر المبدل غير قادح في
فرضيته، أو شرطيته.
ومن أدلتهم ما في حديث المسيء بلفظ:"ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن". والجواب عنه أنه قد ورد في حديث المسيء أيضًا عند أحمد،