للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الحنفية، وأبو العباس إلى أنه نجس واستدلوا على ذلك بأدلة:

منها: حديث أبي هريرة فذكر حديث الباب، قالوا: والبول ينجس الماء، فكذا الاغتسال، لأنه - صلى الله عليه وسلم - قد نهى عنهما جميعا.

ومنها: الإجماع على إضاعته، وعدم الانتفاع به، ومنها أنه ماء أزيل به مانع من الصلاة، فانتقل المنع إليه، كغسالة النجس المتغيرة.

ويجاب عن الأول بأنه أخذ بدلالة الاقتران، وهي ضعيفة (١) وبقول أبي هريرة يتناوله تناولا، فإنه يدل على أن النهي إنما هو عن الانغماس، لا عن الاستعمال، وإلا لما كان بين الانغماس والتناول فرق.

وعن الثاني: بأن الإضاعة لإغناء غيره عنه، لا لنجاسته.

وعن الثالث: بالفرق بين مانع هو النجاسة ومانع هو غيرها، وبالمنع من أن كل مانع يصير له بعد إنتقاله الحكم الذي كان له قبل الانتقال، وأيضا هو تمسك بالقياس في مقابلة النص، وهو فاسد الاعتبار (٢)، ويلزمهم أيضا تحريم شربه وهم لا يقولون به.

ومن الأحاديث الدالة على ما ذهب إليه الجمهور:

حديث أبي جحيفة عند البخاري قال: "خرج علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالهاجرة فأتي بوَضُوء فتوضأ، فجعل الناس يأخذون من فضل وضوئه فيتمسحون به".

وحديث أبي موسى عنده أيضا قال: دعا النبي - صلى الله عليه وسلم - بقدح فيه ماء، فغسل يديه ووجهه فيه، ومَجَّ فيه ثم قال لهما يعني أبا موسى وبلالا: "اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونُحُوركما".


(١) لأنه لا يلزم من الاقتران اشتراك القرينين في الحكم كما في قوله تعالى {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام: ١٤١] فالأكل غير واجب، والإيتاء واجب، قاله في المنهل جـ ١/ ص ٢٥١.
(٢) قد أجاد من قال:، وأحسن في المقال: (من الوافر):
إذَا جَالَت خُيُولُ النصِّ يَوْمَا … تُجاَري في مَيَادين الْكفَاح
غَدَت شُبَهُ القياَسيِّين صَرْعَى … تَطيُر رُؤُوسُهُنَّ مَعَ الرِّيَاح