وعن السائب بن يزيد عنده أيضا قال:"ذهبت بي خالتي إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: يا رسول الله إن ابن أختي وَجِع -أي مريض- فمسح رأسي ودعا لي بالبركة، ثم توضأ، فشربت من وَضُوئه، ثم قمت خلف ظهره" الحديث.
فإن قال الذاهب إلى نجاسة المستعمل للوضوء: إن هذه الأحاديث غاية ما فيها الدلالة على طهارة ما يتوضأ به - صلى الله عليه وسلم -، ولعل ذلك من خصائصه
قلنا: هذه دعوى غير نافقة، فإن الأصل أن حكمه وحكم أمته واحد، إلا أن يقوم دليل يقتضي بالاختصاص، ولا دليل، وأيضًا الحكم يكون الشيء نجسا حكم شرعي، يحتاج إلى دليل، يلتزمه الخصم فما هو؟. اهـ نيل جـ ١/ ص ٤١.
وقال في المنهل جـ ١/ ص ٢٥٠: وقال مالك ومن ذكر معه آنفا: أنه طاهر مطهر، لقوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان: ٤٨] ولما ورد في أبي داود عن الرُّبَيِّع بنت مُعَوّذ "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - توضأ فمسح رأسه بفضل ماء في يده"، وفي حديث آخر "أنه مسح رأسه ببلل لحيته" وعن ابن عباس أنه - صلى الله عليه وسلم - اغتسل فنظر لمعة من بدنه لم يصبها الماء، فأخذ شعرا من بدنه عليه ماء فأمَرَّه على ذلك الموضع" أفاده النووي في شرح المهذب.
قالوا: ولأنه ماء لاقى طاهرا مطهرا كما لو غسل به ثوب طاهر،
ولأنه مستعمل فجازت الطهارة به كالمستعمل في تجديد الوضوء، ولأن ما أدي به الفرض مرة لا يمتنع أن يؤدى به ثانيا، كما يجوز للجماعة أن يتيمموا من موضع واحد، وكما يخرج الطعام في الكفارة، ثم يشتريه ويخرجه فيها ثانيا، وكما يصلي في الثوب الواحد مرارا، ولأنه لو لم تجز الطهارة بالمستعمل لامتنعت الطهارة؛ لأنه بمجرد جريان الماء على