للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المسألة الخامسة:

قال العلامة المحقق ابن دقيق العيد رحمه الله: وهذا الحديث مما استدل به أصحاب أبي حنيفة على تنجيس الماء الدائم، وإن كان أكثر من القلتين، فإن الصيغة صيغة عموم، وأصحاب الشافعي يخصون هذا العموم، ويحملون النهي على ما دون القلتين، وعدم تنجيس القلتين فما زاد إلا بالتغيير مأخوذ من حديث القلتين، فيحمل هذا الحديث العام في النهي على ما دون القلتين جمعا بين الحديثين، فإن حديث القلتين يقتضي عدم تنجيس القلتين فما فوقهما، وذلك أخص من مقتضى الحديث العام الذي ذكرناه، والخاص مقدم على العام.

ولأحمد طريقة أخرى وهي الفرق بين بول الآدمي، وما في معناه من العذرة المائعة، وغير ذلك من النجاسات، فأما بول الآدمي وما في معناه، فينجس الماء، وإن كان أكثر من القلتين، وأما غيره من النجاسات فتعتبر فيه القلتان، وكأنه رأى أن الخبث المذكور في حديث القلتين، عام بالنسبة إلى النجاسات، وهذا الحديث خاص بالنسبة إلى بول الآدمي، فيقدم الخاص على العام بالنسبة إلى النجاسات الواقعة في الماء الكثير، ويخرج بول الآدمي وما في معناه من جملة النجاسات الواقعة في القلتين بخصوصه، فينجس الماء دون غيره من النجاسات ويلحق بالبول المنصوص عليه ما يعلم أنه في معناه اهـ كلام ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام جـ ١/ ص ٢١ - ٢٢.

(قال الجامع) قد عرفت فيما سبق أن المذهب الراجح هو العمل بما اقتضاه حديث القلتين. فتبصر. والله أعلم.

المسألة السادسة:

قال ابن دقيق العيد أيضا: واعلم أن هذا الحديث لا بد من إخراجه عن ظاهره بالتخصيص أو التقييد، لأن الاتفاق واقع على أن الماء المستبحر الكثير جدًا لا تؤثر فيه النجاسة، والاتفاق واقع على أن الماء إذا غيرته