حصول الإجماع على تحريم الاغتسال بعد تغير الماء بالبول، فهذا يلتفت إلى حمل اللفظ الواحد على معنيين مختلفين وهي مسألة أصولية، فإن جعلنا النهي للتحريم، كان استعماله في الكراهة، والتحريم استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه، والأكثرون على منعه والله أعلم.
وقد يقال على هذا إن حالة التغير مأخوذة من غير هذا اللفظ، فلا يلزم استعمال اللفظ الواحد في معنيين مختلفين، وهذا متجه إلا أنه يلزم منه التخصيص في هذا الحديث. اهـ كلام ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام جـ ١/ ص ٢٢ - ٢٣.
(قال الجامع): قد تبين لك مما سبق أن ما ذهب إليه الشافعي رحمه الله ومن معه هو الأقوى. فتبصر. والله أعلم.
المسألة السابعة: في مذاهب العلماء في أخذ الأجرة على التحديث، وقد أشرنا فيما تقدم إلى بعض أقوال العلماء، ونزيد الآن شرحا، وإيضاحا للمسألة، ملخصا ما كتبه العلامة الحافظ السخاوي رحمه الله في فتح المغيث شرح ألفية الحديث، فإنه قد استوعب الكلام هناك، وحاصله أن في أخذ الأجرة على التحديث مذاهب للعلماء:
الأول: أنه لا تقبل رواية من يأخذ الأجرة على التحديث:
وممن قال بذلك: إسحاق بن راهويه، وأحمد بن حنبل، وأبو حاتم الرازي، وآخرون، أما إسحاق، فإنه حين سئل عن المحدث يحدث بالأجر، قال: لا يكتب عنه، وكذا قال أبو حاتم الرازي حين سئل عمن يأخذ على التحديث.
وأما أحمد: فإنه قيل له: أيكتب عمن يبيع الحديث؟ فقال: لا ولا كرامة. فأطلق أبو حاتم جواب الأخذ الشامل للإجارة، والجعَالة، والهبَة، والهدية، وهو ظاهر في الجعالة لوجود العلة فيها أيضا، وإن كانت الإجارة أفحش.
وقد قال سليمان بن حرب: لم يبق من أمر السماء إلا الحديث،