للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المذهب الثاني: الجواز للحاجة والفقر:

وممن قال بهذا: أبو نعيم الفضل بن دُكَين، فقد كان يأخذ على التحديث الأجر بحيث كان إذا لم يكن معهم دراهم صحاح، بل مكسرة أخذ صرفها.

ومنهم: عفان بن مسلم، أحد الحفاظ الأثبات من شيوخ البخاري، فقد قال حنبل بن إسحاق: سمعت أبا عبد الله، يعني الإمام أحمد يقول: شيخان كان الناس يتكلمون فيهما ويذكرونهما، وكنا نَلقَى من الناس في أمرهما ما اللهُ به عليم، قاما لله بأمر لم يقم به أحد، أو كبير أحد مثل ما قاما به: عفان وأبو نعيم، يعني بقيامهما عدم الإجابة في المحنة، وبكلام الناس من أجل أنهما كانا يأخذان على التحديث، ووصف أحمد مع هذا عفان بالثبت، وقيل له: مَن تابع عفان على كذا؟ فقال: وعفان يحتاج إلى أن يتابعه أحد؟ وأبا نعيم الحجةَ الثبتَ، وقال مرة: أنه يزاحَمُ به ابنُ عيينة، وهو على قلة روايته أثبت من وكيع، إلى غير ذلك من الروايات عنه، بل وعن أبي حاتم في توثيقه وإجلاله.

فيمكن الجمع بين هذا وإطلاقهما كما مضى أولا عدم الكتابة بأن ذلك في حق من لم يبلغ هذه المرتبة في الثقة والتثبت، أو الأخذ مختلف في الموضعين، كما يشعر به السؤال لأحمد هناك، ومضايقة البغوي التي كانت سببا لامتناع النسائي من الرواية عنه، كما سيأتي قريبًا.

وعلى هذا يحمل قول محمد بن عبد الملك بن أيمن: لم يكونوا يعيبون مثل هذا، إنما العيب عندهم الكذب.

وممن كان يأخذ ممن احتج به الشيخان: يعقوب الدورقي، كما ذكره النسائي هنا، ومنهم هشام بن عمار، فقد قال ابن عدي: سمعت قسطنطين يقول: حضرت مجلسه، فقال له المستملي: من ذكرتَ؟ فقال له: بعض مشايخنا، ثم نعس، فقال لهم المستملي: لا تنتفعون به، فجمعوا له شيئا، فأعطوه، فكان بعد ذلك يُمْلي عليهم.