بل قال الإسماعيلي: عن عبد الله بن محمد بن سَيَّار: أن هشاما كان يأخذ على كل ورقتين درهما ويشارط، ولذا قال ابن وَارَة: عزمت أن أمسك عن حديث هشام؛ لأنه كان يبيع الحديث، وقال صالح بن محمد: إنه كان لا يحدث ما لم يأخذ.
ومنهم: علي بن عبد العزيز البغوي نزيل مكة وأحد الحفاظ المكثرين مع علو الإسناد، فإنه كان يطلب الأجر على التحديث، وآخرون.
وهؤلاء فعلوه ترخصا للحاجة فقد قال علي بن خشرم: سمعت أبا نعيم الفضل يقول: يلومونني على الأخذ، وفي بيتي ثلاثة عشر نفسا، وما فيه رغيف، ورآه بشر بن عبد الواحد في المنام بعد موته فسأله: ما فعل بك ربك في ذلك؟ فقال: نظر القاضي في أمري، فوجدني ذا عيال، فعفا عني.
وكذا كان البغوي يعتذر بأنه محتاج، وإذا عاتبوه على الأخذ حين يقرأ كتب أبي عبيد على الحاج إذا قدم عليه مكة يقول: يا قوم أنا بين الأخشبين إذا خرج الحاج نادى أبو قبيس قُعَيقعَان مَن بقي؟ فيقول: بقي المجاورون، فيقول: أطبقْ.
لكن قد قبحه النسائي ثلاثا، ولم يرو عنه شيئا، لا لكذبه، بل لأنه اجتمع قوم للقراءة عليه فبروه بما سهل عليهم، وفيهم غريب فقير، فأعفوه لذلك، فأبى إلا أن يدفع كما دفعوا، أو يخرج عنهم، فاعتذر
الغريب بأنه ليس معه إلا قصعة صغيرة فأمره بإحضارها، فلما أحضرها حدثهم.
ونحوه أن أبا بكر الأنصاري المعروف بقاضي المرستان، شَمَّ من أبي الحسن سعد الخير الأنصاري رائحة طيبة، فسأله عنها؟ فقال: هي عود، فقال: ذا عود طيب، فحمل إليه نزرا قليلا، ودفعه لجارية الشيخ،
فاستحيت من إعلامه به لقلته، وجاء سعد الخير على عادته، فاستخبر الشيخ عن وصول العود، فقال له: لا، وطلب الجارية، فاعتذرت