للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لقلته، وأحضرت ذلك فأخذه الشيخ بيده، وقال لسعد الخير: أهو هذا؟ قال: نعم، فرمى به إليه، وقال: لا حاجة لنا فيه، ثم طلب منه سعد الخير أن يسمع ولده جزء الأنصاري، فحلف أن لا يسمعه إياه إلا أن يحمل إليه خمسة أمناء من عود، فامتنع، وألح على الشيخ في تكفير يمينه فما فعل، ولا حمل هو شيئا، ومات الشيخ ولم يسمع ابنه الجزء ولكنه في المتأخرين أكثر.

ومنهم: من كان يمتنع من الأخذ من الغرباء خاصة، فروى السِّلَفيّ في معجم السَّفَر له، من طريق سهل بن بشير الإسفرائيني قال: اجتمعنا بمصر طبقة من طلبة الحديث، فقصدنا علي بن مُنير الخلال، فلم يأذن لنا في الدخول، فجعل عبد العزيز بن علي النخشبي فاه على كوة بابه ورفع صوته بقوله: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من سئل عن علم" الحديث، قال: ففتح لنا الباب ودخلنا، فقال: لا أحدث اليوم إلا من وزن الذهب، فأخذ من كل من حضر من المصريين، ولم يأخذ من الغرباء شيئا، وكان فقيرًا لم يكن له من الدنيا شيء وهو من الثقات.

ومنهم: من لم يكن يشترط شيئا ولا يذكره غير أنه لا يمتنع من قبول ما يعطى له بعد ذلك أو قبله.

ومنهم: من كان يقتصر في الأخذ على الأغنياء.

ومنهم: من كان يمتنع في الحديث فقط، قال أبو أحمد بن سكينة: قلت للحافظ ابن ناصر أريد أن أقرأ عليك شرح ديوان المتنبي لأبي زكريا، وكان يرويه عنه، فقال: إنك دائما تقرأ علي الحديث مَجَّانًا، وهذا شعر، ونحن نحتاج إلى دفع شيء من الأجر عليه، لأنه ليس من الأمور الدينية، قال: فذكرت ذلك لوالدي فدفع إلى كاغدًا (١) فيه خمسة دنانير، فأعطيته إياه، وقرأت عليه الكتاب، وكان مع ذلك فقيرا.


(١) الكاغد: نوع من الورق، وقال في المصباح: الكاغد بفتح الغين وبالدال المهملة وربما قيل بالذال المعجمة وهو معرب.