قال الجامع عما الله عنه: وكذا ما تقدم عن ابن عبد البر من تصحيح هذا الحديث يرد هذه الحكاية عنه.
ومنها: ما قاله في المنهل من أنه يدل على أنه يطلب ممن جهل شيئا أن يسأل أهل العلم عنه، وعلى جواز ركوب البحر لغير حج، وعمرة، وجهاد؛ لأن السائل إنما ركبه للصيد كما تقدم، أما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا يركب البحر إلا حاج أو معتمر، أو غاز في سبيل الله، فإن تحت البحر نارا، وتحت النار بحرا" أخرجه أبو داود في "باب ركوب البحر في الغزو" من "كتاب الجهاد"، وسعيد بن منصور في سننه عن ابن عمر مرفوعا، فقد قال أبو داود: رواته مجهولون، وقال الخطابي: ضعفوا إسناده، وقال البخاري: ليس هذا الحديث بصحيح، وله طريق أخرى عند البزار، وفيها ليث بن أبي سليم، وهو ضعيف.
وعلى أن خوف العطش يحيى ترك استعمال الماء المُعَدّ للشرب في الطهارة، ولذا أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - السائل على المحافظة عليه، وعدم التطهر به، وعلى جواز التطهر بماء البحر الملح، وبه قال جمهور السلف والخلف وما نقل عن بعضهم من عدم إجزاء التطهر به فمُزَيَّف، وقد أنكر القاضي أبو الحسن أن يكون ذلك قولا لأحد، ومنه تعلم بطلان ما نسب إلى ابن عمر من قوله:"ماء البحر لا يجزئ من وضوء، ولا جنابة، إن تحت البحر نارا، ثم ماء، ثم نارا، حتى عد سبعة أبحر، وسبع نيران" وما نسب أيضا إلى ابن عمرو بن العاص من أنه قال: "لا يجزئ التطهر به" وعلى فرض ثبوته فلا حجة في أقوال الصحابة إذا عارضت المرفوع.
وعلى حِلِّ جميع حيوانات البحر، وعلى أن السمك لا يحتاج إلى ذكاة، لإطلاق اسم الميتة عليه، ومثله باقي حيوان الماء.
وعلى أن المفتي إذا سئل عن شيء، وعلم أن للسائل حاجة إلى ذكر