وبه قال أحمد بن حنبل، وحكاه بعض أصحابنا عن مالك، وحكوا عن الحسن البصري، وسفيان، وأبي بكر الأصم، وابن أبي داود، وبعض أصحاب أبي حنيفة، وبعض أهل اللغة، أن الطهور هو الطاهر.
واحتج لهم بقوله تعالى:{وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا}[الإنسان: ٢١] ومعلوم أن أهل الجنة لا يحتاجون إلى التطهير من حدث ولا نجس، فعلم أن المراد بالطهور الطاهر، وقال جرير في وصف النساء (من الطويل):
عِذَابُ الثَّنايَا رِيقُهُنَّ طَهُورُ
والريق: لا يتطهر به، وإنما أراد طاهر
قال: واحتج أصحابنا بأن لفظة طَهُور حيث جاءت في الشرع المراد بها التطهير، من ذلك قوله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا}[الفرقان: ٤٨]{وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ}[الأنفال: ١١] فهذه مفسرة للمراد بالأولى.
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح:"هو الطهور ماؤه" ومعلوم أنهم سألوه عن تطهير ماء البحر لا عن طهارته، ولولا أنهم يفهمون من الطهور المطهر لم يحصل لهم الجواب، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "طهور إناء أحدكم إذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبعا" رواه مسلم أي مطهره، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" رواه مسلم وغيره، والمراد مطهرة، وبكونها مطهرة اختصت هذه الأمة لا بكونها طاهرة.
فإن قيل: يرد عليكم حديث "الماء طَهُور لا ينجسه شيء" قلنا: لا نسلم كونه مخالفا.
وأجاب أصحابنا عن قوله تعالى {شَرَابًا طَهُورًا} [الإنسان من آية