فقام عن شماله، فقمنا ثلاثتنا، يصلي كل رجل منا بنفسه، ويتلو من القرآن ما شاء الله أن يتلوه، فقام بآية من القرآن يرددها حتى صلى الغداة، فبعد أن أصبحنا أومأتُ إلى عبد الله ابن مسعود، أن سله ما أراد إلى ما صنع البارحة؟، فقال ابن مسعود بيده: لا أسألُهُ عن شيء حتى يُحْدثَ إليَّ، فقلت: بأبي أنت وأمي، قمت بآية من القرآن، ومعك القرآن، لو فعل هذا بعضنا وَجَدْنا عليه، قال:"دعوت لأمتي"، قال: فماذا أجبتَ؟ أو فماذا رُدّ عليك؟ قال:"أجبتُ بالذي لو اطلع عليه كثير منهم طلعةً تركوا الصلاة". قال: أفلا أبشر الناس؟ قال:"بلى"، فانطلقت مُعْنِقًا قريبًا من قَذْفَة بحجر، فقال عمر: يا رسول الله إنك إن تبعث إلى الناَس بهذا نَكلُوا عن العبادة، فنادى أن ارجع، فرجع، وتلك الآية:{إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[المائدة: ١١٨]" (١).
(والآية) التي أصبح يرددها هي قوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[المائدة: ١١٨].
وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: هذا الكلام يتضمن رد المشيئة إلى الله عز وجل، فإنه الفعال لما يشاء الذي لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، ويتضمن التبري من النصارى الذين كذبوا على الله وعلى