رسوله - صلى الله عليه وسلم - وجعلوا لله نِدًّا، وصاحبة، وولدًا، تعالى الله عما يقولون علوًا كبيرًا. وهذه الآية لها شأن عظيم، ونبأ عجيب، وقد ورد في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قام بها ليلة حتى أصبح يرددها. انتهى (١).
وقال الإمام أبو عبد الله القرطبي رحمه الله: قوله تعالى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ}[المائدة: ١١٨] شرط، وجوابه {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}[المائدة: ١١٨] مثله. واختُلِفَ في تأويله: فقيل: قاله على وجه الاستعطاف لهم، والرأفة بهم، كَما يُستَعطَف السيدُ لعبده؛ ولهذا لم يقل: فإنهم عصوك. وقيل: قاله على وجه التسليم لأمره، والاستجارة من عذابه، وهو يعلم أنه لا يغفر لكافر. وقيل: الهاء والميم في {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ} لمن مات منهم على الكفر، والهاء والميم في {وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ} لمن تاب منهم قبل الموت، وهذا حسن.
وأما قول من قال: إن عيسي - صلى الله عليه وسلم - لم يعلم أن الكافر لا يغفر له، فقولٌ مجترئ على كتاب الله -عز وجل-؛ لأن الإخبار من الله -عز وجل- لا تنسخ. وقيل: كان عند عيسى أنهم أحدثوا معاصي، وعملوا بعده بما لم يأمرهم به. إلا أنهم على عَمُود دينه، فقال: وإن تغفر لهم ما أحدثوا بعدي من المعاصي.
وقال. {فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} ولم يقل: فإنك أنت الغفور الرحيم على ما تقتضيه القصة من التسليم لأمره، والتفويض لحكمه،