للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

إن وجه الاستدلال من هذا الحديث على نجاسة الكلب مشهور أشار بذلك إلى زيادة ذكرها بعض أصحابنا من الفقهاء في تصانيفهم، وهي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يأتي دار قوم من الأنصار، ودونهم دار، فشق ذلك عليهم، فقالوا: يا رسول الله تأتي دار فلان، ولا تأتي دارنا: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إن في داركم كلبا، قالوا: في دارهم سنَّوْرًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إنها ليست بنجس" فلو ثبتت هذه الزيادة هكذا كان وجه الاستدلال منه مشهورا، إلا أنه لا يعرف أصلا في شيء من كتب الحديث هكذا، وقد رواه بهذه الزيادة الإمام أحمد في مسنده، والدارقطني في سننه، والحاكم في المستدرك من رواية عيسى بن المسيب، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، إلا أنهما لم يقولا: إنها ليست بنجس، وإنما قالا: فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - "السنور سبع" وقال الدارقطني بعد تخريجه: وعيسى بن المسيب صالح الحديث، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وعيسى بن المسيب ينفرد عن أبي زرعة، إلا أنه صدوق، ولم يجرح قط.

قال العراقي: بلى جرحه ابن معين، وأبوداود، والنسائي، وابن حبان، والدارقطني، في غير هذا الموضع، وليس في هذا اللفظ ما يقتضي نجاسة الكلب، وإنما فيه اجتناب دخول الدار التي فيها كلب، وفيه أن الكلب ليس بسبع، وكأنه إنما ذكر ذلك لكونهم كانوا قد علموا طهارة سؤر السباع، فبين لهم أن الهرة سبع ليعلموا طهارة فمها بخلاف الكلب فإنه ليس بسبع والله أعلم اهـ جـ ٢/ ص ١٢٣.

المسألة التاسعة: قال العراقي أيضا: استدل بهذا الحديث على أنه يجب الغسل من ولوغ الكلب على الفور؛ لأن الأمر يقتضي الفورية عند أكثر الفقهاء، وهو المختار، وينبغي أن يجري الخلاف الذي حكاه الماوردي في وجوب إراقة الإناء الذي ولغ فيه الكلب على الفور،