وغيرهما، والعدد الكثير أولى من واحد، لا سيما وهم مثبتون، وهو ناف، مع أن الجمع بين الروايتين ممكن، وهو أنه لم يره واجبا، ففعله تارة، وتركه أخرى. انتهى كلام الحافظ.
وقال الفاضل اللكنوي في تعليقه على "موطإ محمَّد": المشهور في كتب أصول أصحابنا: إن مجاهدا قال: صحبت ابن عمر عشر سنين، فلم أره يرفع يديه إلا مرة، وقالوا: قد روى ابن عمر حديث الرفع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وتركه، والصحابي الراوي إذا ترك مرويّا ظاهرا في معناه غير محتمل للتأويل يسقط الاحتجاج بالمروي، وقد روى الطحاوي من حديث أبي بكر بن عياش، عن حصين، عن مجاهد أنه قال: صليت خلف ابن عمر، فلم يكن يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى من الصلاة، ثم قال: فهذا ابن عمر قد رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع، ثم قد ترك هو الرفعَ بعد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا يكون ذلك إلا وقد ثبت عنده نسخه، وها هنا أبحاث:
(الأول): مطالبة إسناد ما نقلوه عن مجاهد من أنه صحب ابن عمر عشر سنين، ولم يره فيها يرفع يديه إلا في التكبيرة الأولى.
(والثاني): المعارضة بخبر طاوس وغيره من الثقات أنهم رأوا ابن عمر يرفع.
(والثالث): أن في طريق الطحاوي أبا بكر بن عياش، وهو متكلم فيه، لا توازي روايته رواية غيره من الثقات.
قال البيهقي في "كتاب المعرفة" بعد ما أخرج حديث مجاهد من طريق ابن عياش: قال البخاري: أبو بكر بن عياش اختلط بآخره، وقد رواه الربيع، وليث، وطاوس، وسالم، ونافع، وأبو الزبير، ومحارب بن دثار، وغيرهم، قالوا؛ رأينا ابن عمر يرفع يديه إذا كبر، وإذا رفع. ثم ذكر كلام البيهقي إلى آخر ما نقلته فيما تقدم، ثم قال:(فإن قلت) آخذا من شرح "معاني الآثار": إنه يجوز أن يكون ابن عمر فعل ما رآه طاوس قبل أن تقوم الحجة بنسخه، ثم لما ثبتت الحجة بنسخه عنده تركه، وفعل ما ذكره مجاهد.
(قلتُ): هذا مما لا تقوم به الحجة، فإن لقائل أن يعارض، ويقول: يجوز أن يكون فعل ابن عمر ما رواه مجاهد قبل أن تقوم الحجة بلزوم الرفع، ثم لما ثبت عنده التزم الرفع. على أن احتمال النسخ احتمال من غير دليل، فلا يسمع.
[فإن قال قائل]: الدليل هو خلاف الراوي مرويه.
[قلنا]: لا يوجب ذلك النسخ، كما مر.
(والرابع): وهو أحسنها أنا سلمنا ثبوت الترك عن ابن عمر، لكن يجوز أن يكون