للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الزيلعي: ولقائل أن يقول: إنهما حديثان، لا يفسر أحدهما بالآخر، كما جاء في لفظ الحديث الأول: "اسكنوا في الصلاة"، والذي يرفع يديه حال التسليم لا يقال له: اسكن في الصلاة، إنما يقال ذلك لمن يرفع يديه في أثناء الصلاة، وهو حالة الركوع،

والسجود، ونحو ذلك، هذا هو الظاهر، والراوي روى هذا في وقعت، كما شاهده، وروى الآخر في وقت آخر، كما شاهده، وليس في ذلك بُعْدٌ. انتهى (١).

قال المباركفوري: لم يُجِب الزيلعي عن قول البخاري: ولو كان كما ذهبوا إليه لكان الرفع في تكبيرات العيد أيضا منهيا عنه. فما هو جوابه عنه، فهو جوابنا عن الرفع عند الركوع، والرفع منه.

وأما قوله: والذي يرفع يديه حال التسليم لا يقال له: اسكن في الصلاة، فهو ممنوع، بل الذي يرفع يديه قبل الفراغ، والانصراف من الصلاة، وإن كان حال التسليم الأول والثاني يقال له: اسكن في الصلاة، فإن الفراغ والانصراف منها إنما يكون بالفراغ من التسليم الثاني، فما لم يفرغ من التسليم الثاني هو في الصلاة. انتهى المقصود من كلام المباركفوري رحمه الله تعالى. (٢)

قال العلامة اللكنوي -رحمه الله- عند قوله محمَّد بن الحسن: "وفي ذلك آثار كثيرة". أي في عدم رفع اليدين إلا مرة آثار كثيرة عن جماعة من الصحابة:

منهم: ابن عمر، وعلي، وابن مسعود، وقد تقدم الكلام على أثرهم.

ومنهم: أبو سعيد الخدري، أخرج البيهقي عن سوّار بن مصعب، عن عطية العوفي أن أبا سعيد الخدري، وابن عمر - رضي الله عنهم - كانا يرفعان أيديهما أولّ ما يكبران، ثم لا يعودان، وأعله البيهقي بأن عطية سيء الحال، وسوّار أسوأ منه. قال البخاري: سوار منكر الحديث. وعن ابن معين: غير محتج به.

ويخالف هذا الأثر ما أخرجه البيهقي عن ليث، عن عطاء، قال: رأيت جابر بن عبد الله، وابن عمر، وأبا سعيد، وابن عباس، وابن الزبير، وأبا هريرة - رضي الله عنهم - يرفعون أيديهم إذا افتتحوا الصلاة، وإذا ركعوا، وإذا رفعوا. وفيه ليث ابن أبي سليم مختلف فيه.

وأخرج أيضًا عن سعيد بن المسيّب، قال: رأيت عمر يرفع يديه حذو منكبيه إذا افتتح الصلاة، وإذا ركع، وإذا رفع رأسه من الركوع. وفي سنده من استُضعف.

ومنهم: عبد الله بن الزبير، كما حكاه صاحب "النهاية" وغيره من شراح "الهداية" أنه


(١) جـ ١ ص ٣٩٣.
(٢) راجع "تحفة الأحوذي" جـ ٢ ص ١٠٤ - ١١٣.