رأى رجلا يرفع يديه في الصلاة عند الركوع، وعند الرفع منه، فقال له: لا تفعل، فإن هذا شيء فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم تركه، لكن هذا الأثر لم يجده المخرجون مسندا في كتب الحديث، مع أنه أخرج البخاري في رسالة "رفع اليدين" عن عبد الله بن الزبير أنه كان يرفع يديه عند الخفض والرفع، وكذا أخرجه عن ابن عباس، وابن عمر، وأبي سعيد، وجابر، وأبي هريرة، وأنس - رضي الله عنهم - أنهم كانوا يرفعون أيديهم.
وأخرج البيهقي عن الحسين، قال: سألت طاوسًا عن رفع اليدين في الصلاة؟ فقال: رأيت عبد الله بن عباس، وابنَ الزبير، وابنَ عمر يرفعون أيديهم إذا افتتحوا الصلاة، وإذا ركعوا، وإذا سجدوا.
وأخرج أيضا عن عبد الرزاق، قال: ما رأيت أحسن صلاة من ابن جريج، رأيته يرفع يديه إذا افتتح، وإذا ركع، وإذا رفع، وأخذ ابن جريج صلاته عن عطاء بن أبي رباح، وأخذ عطاء، عن عبد الله بن الزبير، وأخذ ابن الزبير، عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه -.
ومنهم: ابن عباس حكى عنه بعض أصحابنا -يعني الحنفية- أنه قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه كلما ركلع، وكلما رفع، ثم صار إلى افتتاح الصلاة، وترك ما سوى ذلك. لكنه أثر لم يثبته المحدثون، والثابت عندهم خلافه. قال ابن الجوزي في "التحقيق" بعد ذكر ما حكاه أصحابنا، عن ابن عباس، وابن الزبير: هذان الحديثان لا يرفان أصلا، وإنما المحفوظ عنهما خلاف ذلك، فقد أخرج أبو داود عن ميمون أنه رأى ابن الزبير يشير بكفيه حين يقوم، وحين يركع، وحين يسجد، وحين ينهض للقيام، فانطلقت إلى ابن عباس، فقلت: إني رأيت ابن الزبير صلى صلاة لم أر أحدا يصليها، فوصفت له، فقال: إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاقتد بصلاة عبد الله بن الزبير. انتهى.
ورده العيني بأن قوله: لا يعرفان. لا يستلزم عدم معرفة أصحابنا هذا، ودعوى النافي ليست بحجة على المثبت، وأصحابنا أيضًا ثقات، لا يرون الاحتجاج بما لم يثبت عندهم صحته. انتهى.
قال اللكنوي -رحمه الله-: وفيه نظر ظاهر، فإنه ما لم يوجد سند أثر ابن عباس، وابن الزبير في كتاب من كتب الأحاديث المعتبرة كيف يعتبر به بمجرد حسن الظن بالناقلين، مع ثبوت خلافه عنهما بالأسانيد العديدة.
ومنهم: أبو بكر الصديق - رضي الله عنه - أخرجه الدارقطني، وابن عدي عن محمَّد بن جابر، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبرااهيم، عن علقمة، عن عبد الله، قال: صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأبي بكر، وعمر، فلم يرفعوا أيديهم إلا عند استفتاح الصلاة. وفيه