للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

محمَّد بن جابر، متكلم فيه، ويخالفه ما أخرجه أبو داود عن ميمون، كما مر نقلا عن "التحقيق".

ومنهم: العشرة المبشرون - رضي الله عنهم -، كما حكى بعض أصحابنا، عن ابن عباس أنه قال: لم يكن العشرة المبشرون - رضي الله عنهم - يرفعون أيديهم إلا عند الافتتاح. ذكره الشيخ عبد الحق الدهلوي في "شرح سفر السعادة"، ولا عبرة بهذا الأثر ما لم يوجد سنده عند مهرة الفن، مع ثبوت خلافه في كتب الحديث.

ثم ذكر حديث ابن مسعود الذي أخرجه النسائي في الباب، وحديث البراء الذي أخرجه أبو داود، وقد تقدم، ثم قال: وأخرج البيهقي من حديث ابن عمر، وعباد بن الزبير مثله، قال: وللمحدثين على طرق هذه الأخبار كلمات تدل على عدم صحتها، لكن لا يخفى على الماهر أن طرق حديث ابن مسعود تبلغ درجة الحسن.

والقدر المتحقق في هذا الباب هو ثبوت الرفعِ، وتركِهِ كليهما عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا أن رواة الرفع من الصحابة جم غَفِير، ورواة الترك جماعة قليلة، مع عدم صحة الطرق عنهم إلا عن ابن مسعود، وكذلك ثبت الترك عن ابن مسعود، وأصحابه بأسانيد محتجة بها، فإذن نختار أن الرفع ليس بسنة مؤكدة يلام تاركها إلا أن ثبوته عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر وأرجح. وأما دعوى نسخه كما صدر عن الطحاوي، مغترًّا بحسن الظن بالصحابة التاركين، وابن الهمام والعيني، وغيرهم من أصحابنا، فليست بمبرهن عليها بما يشفي العليل، ويُروي الغليل. انتهى كلام الفاضل اللكنوي رحمه الله تعالى (١).

قال الجامع عفا الله عنه: هذا الذي قرره الفاضل اللكنوي -رحمه الله- مع تعصب كثير ممن له قدم في الحديث، كالطحاوي، وابن الهمام، والعيني إنصاف منه -رحمه الله-، وإعطاء لكل ذي حق حقه، فجزاه الله عن السنة خير الجزاء.

وهكذا يجب على من فُتح له شيء من العلم أن ينصر السنة مهما أداه ذلك إلى مخالفة من هو أحب الناس إليه؛ لأن السنة أعلى من رأي كل ذي مذهب، وأحق بالتبع من أثر كل مَن ذَهَب.

غير أن قوله: والقدر المحقق في هذا الباب هو ثبوت الرفع وتركه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيه نظر، إذ الذي لا شك في ثبوته هو الرفع فقط، وأما الترك، فمحل شك، ولا سيما، وقد اعترف هو بضعفها، غير حديث ابن مسعود - رضي الله عنه -، وقد تقدم بيان ما قاله الأئمة الحفاظ، أئمة هذا الشأن في حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - من الضعف.


(١) "التعليق الممجد" جـ ١ ص ٣٨٥ - ٣٨٨.