للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أن يكون أقله عشرة دراهم بخبر لا يصح البتة، وهو زيادة محضة على القرآن؟.

وقد أخذ الناس بحديث: "لا يرث المسلم الكافر، ولا الكافر المسلم"، وهو زائد على القرآن. وأخذوا بحديث توريثه - صلى الله عليه وسلم - بنت الابن السدس مع البنت، وهو زائد على ما في القرآن، وأخذ الناس كلهم بحديث استبراء الْمَسْبِيَّة بحيضة، وهو زائد على ما في كتاب الله، وأخذوا بحديث: "من قتل قتيلا، فله سلبه"، وهو زائد على ما في كتاب الله من قسمة الغنائم. وأخذوا كلهم بقضائه - صلى الله عليه وسلم - الزائد على ما في القرآن من أن أعيان بني الأبوين يتوارثون، دون بني العلاّت (١)، وأَنَّ الرجل يرث أخاه لأبيه وأمه، دون أخيه لأبيه، ولو تتبعنا هذا لطال جدًّا.

فسنن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أجلّ في صدورنا، وأعظم، وأفرض علينا أن لا نقبلها إذا كانت زائدة على ما في القرآن، بل على الرأس والعينين.

وكذلك فرض على الأمة الأخذ بحديث القضاء بالشاهد واليمين، وإن كان زائدا على ما في القرآن. وقد أخذ به أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وجمهور التابعين، والأئمة.

والعجب ممن يرده لأنه زائد على ما في كتاب الله، ثم يقضي بالنكول، ومعاقد القُمُط (٢)، ووجوه الَاجُرّ في الحائط، وليس في كتاب الله، ولا سنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -. وأخذتم أنتم، وجمهور الأمة بحديث: "لا يقاد الوالد بالولد" مع ضعفه، وهو زائد على ما في القرآن. وأخذتم أنتم والناس بحديث أخذ الجزية من المجوس، وهو زائد على ما في القرآن. وأخذتم مع سائر الناس بقطع رِجْل السارق في المرّة الثانية، مع زيادته على ما في القرآن. وأخذتم أنتم والناس بحديث النهي عن الاقتصاص من الجرح قبل الاندِمَال، وهو زائد على ما في القرآن. وأخذت الأمةُ بأحاديث الحضانة، وليست في القرآن. وأخذتم أنتم والجمهور باعتداد المتوفى عنها في منزلها، وهو زائد على ما في القرآن. وأخذتم مع الناس بأحاديث البلوغ بالسن والإنبات، وهي زائد على ما في القرآن، إذ ليس فيه إلا الاحتلام. وأخذتم مع الناس بحديث: "الخراجُ بالضمان". مع ضعفه، وهو زائد على ما في القرآن، وأضعاف أضعاف ما ذكرنا.

بل أحكام السنة التى ليست في القرآن إن لم تكن أكثر منها لم تنقص عنها، فلو ساغ


(١) بنو العلات: بنو أمهات شتى من رجل واحد.
(٢) قال في "المصباح": جمع قماط، مثل كتاب وكتب، ومن كلام الشافعي: معاقد القُمُط. وتحاكم رجلان إلى القاضي شريح في خص تنازعاه، فقضى للذي إليه القُمُطُ، وهي الشُّرُطُ، جمع شَرِيط، وهو ما يُعمل من لِيف، وخُوص، وقيل: القُمُطُ: الخُشُب التي تكون على ظاهر الخص، أو باطنه، يشد إليها حَرَادِيّ القصب، أو رؤوسه. انتهى. ص ٥١٦.