ينفع ذا الجد، منك الجد"، ففيه زيادة: "ولا معطي لما منعت".
قال الجامع عفا الله عنه:[فإن قلت]: إن القاعدة في اسم "لا" التي لنفي الجنس إذا كان مضافا، نحو لا طالبَ علم ممقوتٌ، أو شبيها بالمضاف، وهو ما له تعلق بما بعده، إما بالعمل، أو غيره، نحو لا طالعا جبلا حاضر، أن ينصب، فلماذا سقط تنوين اسمها في هذا الحديث؟
أجيب: بأنه إما مبني، إجراء له مجرى المفرد، أو معرب حذف تنوينه تشبيها بالمضاف، أو مبني لكونه مفردا، وقوله: "لما أعطيت" متعلق محذوف خبرٍ لـ "لا"، أي لا مانعَ مانعٌ لما أعطيت.
قال الخضري رحمه الله تعالى في حاشيته على شرح ابن عقيل على "الخلاصة":
[واعلم]: أن مشبه المضاف يلزم إعرابه منونا عند البصريين، وجوز ابن كيسان بناءه أيضًا، فلا ينون، إجراءً له مجرى المفرد، لعدم الاعتداد بالمعمول، لصحة الكلام بدونه، وأجاز ابن مالك إعرابه غير منون بقلة، تشبيها بالمضاف، وعلى أحد هذين يخَرَّجُ حديث: "لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت"، وقوله تعالى:{وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ}[البقرة: ١٩٧]، ويمكن تخريجه على الأول بجعل الظرف خبرا متعلقا بمحذوف، لا باسم "لا"، فهو مفرد مبني، لا شبيه بالمضاف، أي لا مانعَ مانعٌ لما أعطيت، واللام للتقوية، ولا جدالَ حاصل في الحج، وأجاز البغداديون بناءه، إن عمِلَ في ظرف، كالآية. انتهى إسقاطي بزيادة. انتهى كلام الخضري رحمه الله تعالى (١).
(لما أعطيت) "ما" تعم العقلاء وغيرهم، فهي موصول اسمي، و"أعطيت" صلته، والعائد محذوف، أي لا مانع للذي أعطيته. ويحتمل أن تكون حرفا مصدريا، أي لإعطائك. وهذا بمعنى قوله:{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} الآية [فاطر:٢].
(ولا ينفع ذا الجد منك الجد) "ذا" بمعنى "صاحب" مفعول مقدم، منصوب بالألف، كما قال في "الخلاصة":