للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كُهَيْل، وهو يرويه عن أبيه، وقد تفرد به عنه، وهما ضعيفان جِدًّا، فلا يصلح الاحتجاج بهما، قال في "صة" في ترجمة إبراهيم هذا: اتهمه أبو زرعة. وقال في "ت": في ترجمة إسماعيل والد إبراهيم: متروك، فإعلال الحديث

الصحيح بمثل هذا في غاية السقوط.

(الوجه الثاني): أن في حديث أبي هريرة قلبا من الراوي، قيل: ولعله كان أصله "وليضع ركبتيه قبل يديه"، فانقلب على بعض الرواة.

ويدلّ عليه أول الحديث، وهو قوله: "فلا يبرك كما يبرك البعير"، فإن المعروف من بروك البعير تقديمُ اليدين على الرجلين. قاله ابن القيم في "زاد المعاد"، قال: ولما عَلِمَ أصحاب هذا القول ذلك قالوا: ركبتا البعير في يديه، لا في رجليه، فهو إذا برك وضع ركبته أوّلًا، فهذا هو المنهي عنه. قال: وهو فاسد لوجوه، وحاصلها أن البعير إذا برك يضع يديه، ورجلاه قائمتان، وهذا هو المنهي عنه، وأن القول بأن ركبتي البعير في يديه لا يعرفه أهل اللغة، وأنه لو كان الأمر كما قالوا، لقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فليبرك كما يبرك البعير؛ لأن أول ما يمس الأرض من البعير يداه. انتهى.

(والجواب عنه): إن قوله: في حديث أبي هريرة قلب الراوي غير صحيح، إذ لو فتح هذا الباب، وقبلت هذه الدعوى بغير حجة بينة لم يبق اعتماد على حديث أيّ راو ثقة مع صحته.

وأما قوله: كون ركبتي البعير في يديه لا يعرفه أهل اللغة، فقد أجاب عنه المباركفوري رحمه الله تعالى، حيث قال: ما حاصله: فيه أنه قد وقع في حديث هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - قول سُرَاقة: "ساخت يدا فرسي في الأرض حتى بلغتا الركبتين". رواه البخاري في "صحيحه" (١)

فهذا دليل واضح على أن ركبتي البعير تكونان في يديه، انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: وأيضًا قد نصّ أهل اللغة على أن ركبتي البعير في يديه، فقد قال ابن منظور: وركبة البعير في يده، وقد يقال لذوات الأربع كلها من الدوابّ: رُكَب، وركبتا يدي البعير: المَفْصلان اللذان يليان البطن: إذا برك، وأما المفصلان الناتئان من خَلْفُ، فهما الْعُرْقوبَان، وكلّ ذي أربع رُكبتاه في يديه، وعُرْقُوباه في رجليه. انتهى (٢)

فهذا نص صريح في كون ركبتي البعير في يديه معروفا لدى أهل اللغة، فبطل دعوى كونه غير معروف لديهم. فتبصر. والله تعالى أعلم.


(١) "صحيح البخاري" ج ٥ ص ٧٧.
(٢) "لسان العرب" ج ٣ ص ١٧١٤ - ١٧١٥.