للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال المباركفوري -رحمه الله-: ما حاصله: وأما قوله: لو كان الأمر كما قالوا، لقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: فليبرك كما يبرك البعير. ففيه أنه ثبت كون ركبتي البعير في يديه، ومعلوم أن ركبتي الإنسان في رجليه، وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في آخر الحديث: "وليضع يديه قبل ركبتيه"، فكيف يقول في أوله: فليبرك كما يبرك البعير، أي فليضع ركبتيه قبل يديه؟. انتهى.

(والوجه الثالث): دعوى كون حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - ضعيفا، لأن الدارقطني قال: تفرد به الدراوردي، عن محمَّد بن عبد الله بن حسن. انتهى. والدراوردي، وإن وثقه يحيي بن معين، وعلي بن المديني، وغيرهما، لكن قال أحمد بن حنبل: إذا حدث من حفظه يِهَمُ. وقال أبو زرعة: سيء الحفظ، فتفرد الدراوردي عن محمَّد بن عبد الله مُورث للضعف. وقال البخاري: محمَّد بن الحسن لا يتابع عليه، وقال: لا أدري أَسَمِعَ من أبي الزناد، أم لا؟ انتهى.

(والجواب عنه): أن هذه العلل غير مقبولة:

أما قوله الدارقطني: تفرد به الدراوردي فليس مورثا للضعف؛ لأنه قد أحتج به مسلم، وأصحاب السنن، ووثقه أئمة هذا الشأن: يحيى بن معين، وعلي بن المديني، وغيرهما، كما تقدم قريبا.

وأما قول البخاري: محمَّد بن عبد الله بن الحسن لا يتابع عليه، فليس بمضرّ، فإنه ثقة، ولحديثه شاهد من حديث ابن عمر، وصححه ابن خزيمة، قال ابن التركماني في "الجوهر النقي": محمَّد بن عبد الله بن الحسن وثقه النسائي، وقول البخاري: لا يتابع على حديثه ليس بصريح في الجرح، فلا يعارض توثيق النسائي. انتهى. وكذا لا يضر قوله: لا أدري أسمع من أبي الزناد، أم لا؟، فإن محمَّد بن عبد الله ليس بمدلس، وسماعه من أبي الزناد ممكن، فإنه قتل سنة (١٤٥)، وهو ابن (٤٥) سنة، وأبو الزناد مات سنة (١٣٠) فيحمل عنعنته على السماع على القول الراجح، كما حققه مسلم في "مقدمة صحيحه".

(الوجه الرابع): أن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - مضطرب، فإنه رواه ابن أبي شيبة في "مصنفه"، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" عن عبد الله بن سعيد، عن جده، عن أبي هريرة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "إذا سجد أحدكم، فليبدأ بركبتيه قبل يديه، ولا يبرك كبروك الفحل". فهذه الرواية تخالف رواية الباب، بحيث لا يمكن الجمع بينهما، والاضطراب مورث للضعف.

(والجواب عنه): أن رواية ابن أبي شيبة، والطحاوي هذه منكرة، فإن مدارها على عبد الله بن سعيد، وقد تقدم أنه متروك ذاهب الحديث، فلا اضطراب بسببه في حديث