الباب، لأن شرط الاضطراب استواء وجوه الاختلاف، فلا تعلّ الرواية الصحيحة بالرواية الواهية، كما تقرر في محله.
(الوجه الخامس): أن حديث وائل بن حجر - رضي الله عنه - أقوى، وأثبت متن حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.
قال ابن تيمية -رحمه الله- في "المنتقى": قال الخطابي -رحمه الله-: حديث وائل بن حجر أثبت من هذا. انتهى.
(والجواب عنه): أن هذا القول غير صحيح، فإن حديث وائل تقدم أنه ضعيف، لتفرد شريح به، ومخالفته غيره من الثقات، وأما حديث؛ أبي هريرة - رضي الله عنه -، فصحيح، لأن الأوجه التي ذكروها في تضعيفه كلها ضعيفة، ومع صحته فله شاهد من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، صححه ابن خزيمة، كما تقدم، فكيف يصح قوله الخطابي: إن حديث وائل أقوى وأثبت؟.
وقد تقدم أن الأئمة: كالقاضي أبي بكر بن العربي، وابن سيد الناس، وابن التركمانى، والحافظ رحمهم الله تعالى رجحوا حديث أبي هريرة على حديث وائل - رضي الله عنهما -.
[فإن قيل]: إن كان لحديث أبي هريرة شاهد، فلحديث وائل شاهدان:
(أحدهما): ما رواه الدارقطني، والحاكم، والبيهقي، عن عاصم الأحول، عن أنس - رضي الله عنه -، قال: "رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انحطّ بالتكبير، فسبقت ركبتاه يديه". قال الحاكم: هو على شرطهما، ولا أعلم له علة.
(وثانيهما): ما أخرجه ابن خزيمة في "صحيحه" عن مصعب بن سعد بن أبي وقاص، عن أبيه، قال: "كنا نضع اليدين قبل الركبتين". . .الحديث. وقد تقدم.
(أجيب): بأن هذين الحديثين ضعيفان، لا يصلحان شاهدين لحديث وائل.
فأما حديث أنس، فقد تفرد به العلاء بن إسماعيل العطار، وهو مجهول، كما قال الدارقطني وغيره، عن حفص بن غياث، وقد ساء حفظه في الآخر. فتصحيح الحاكم له، وقوله: لا أعلم له علة غير صحيح.
وأما حديث سعد فقد تقدم فيما سبق أنه تفرد به إبراهيم بن إسماعيل، عن أبيه، وهما ساقطان، والمحفوظ من حديثه نسخ التطبيق، فتقوية حديث وائل برواية مثلهما أوهى من بيت العنكبوت (١).
(١) راجع "إرواء الغليل" للشيخ الألباني جـ ٢ ص ٧٥ - ٨٠. و"تحفة الأحوذي" للمباكفوري جـ ٢ ص ١٣٨ - ١٤١.