وأما التابعون فروينا عن عطاء بن أبي رباح، وسعيد بن المسيب، ومحمد بن سيرين، أنهم أمروا بإراقة ما ولغ فيه الهر، وغسل الإناء منه، وسائر التابعين بالحجاز، والعراق يقولون في الهر: إنه طاهر، لا بأس بالوضوء بسؤره، وروى الوليد بن مسلم قال: أخبرني سعيد، عن قتادة، عن ابن المسيب، والحسن أنهما كرها الوضوء بفضل الهر، قال الوليد: فذكرت ذلك لأبي عمرو الأوزاعي، ومالك بن أنس، فقالا: توضأ به فلا بأس به، وإن وجدت غيره.
قال أبو عمر: الحجة عند التنازع والاختلاف سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد صح عنه من حديث أبي قتادة في هذا الباب ما ذكرنا، وعليه اعتماد الفقهاء في كل مصر إلا أبا حنيفة، ومن قال بقوله.
قال أبو عبد الله محمَّد بن نصر المروزي: الذي صار إليه جل أهل الفتوى من علماء الأمصار من أهل الأثر والرأي جميعا أنه لا بأس بسؤر السنور اتباعا للحديث الذي روينا، يعني حديث أبي قتادة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.
قال: وممن ذهب إلى ذلك: مالك بن أنس، وأهل المدينة، والليث ابن سعد، فيمن وافقه من أهل مصر، والمغرب، والأوزاعي في أهل الشام، وسفيان الثوري فيمن وافقه من أهل العراق، قال: وكذلك قول الشافعي، وأصحابه، وأحمد بن حنبل، وإسحاق، وأبي ثور، وأبي عبيدة، وجماعة من أصحاب الحديث، قال: وكان النعمان يكره سؤره، وقال: إن كان توضأ به أجزأه، وخالفه أصحابه، فقالوا: لا بأس به.
قال أبو عمر: ما حكاه المروزي عن أصحاب أبي حنيفة فليس كما حكاه عندنا، وإنما خالفه من أصحابه أبو يوسف وحده، وأما محمَّد، وزفر، والحسن بن زياد، فيقولون بقوله وأكثرهم يروونه عنه أنه لا