للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي الرواية الآتية من طريق عبد الله بن طاوس عن أبيه، عن ابن عباس، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: "أمرت أن أسجد على سبعة أعظم".

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: المراد بأمره - صلى الله عليه وسلم - ما يعمه هو وأمته، بدليل التفسير الآتي في الباب التالي.

ولظاهر رواية البخاري من طريق شعبة، عن عمرو بن دينار، بلفظ: "أمرنا أن نسجد على سبعة أعظم". . . الحديث.

ثم إن الظاهر أنه للوجوب، لكن قال في "الفتح": قيل: وفيه نظر؛ لأنه ليس فيه صيغة "افعل".

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: هذا النظر غير صحيح، لأنه لا فرق بين قوله: افعل كذا، وقوله: أمرتك أن تفعل كذا.

قال العلامة الشوكاني -رحمه الله- تعالى ردّا على هذا النظر: ما نصّه: وهو ساقط؛ لأن لفظ "أمر" أدلّ على المطلوب من صيغة "افعل"، كما تقرر في الأصول، ولكن الذي يتوجه على القول باقتضائه الوجوب على الأمة أنه لا يتم إلا على القول بأن خطابه - صلى الله عليه وسلم - خطاب لأمته، وفيه خلاف معروف، ولا شك أن عموم أدلة التأسي تقتضي ذلك، وقد أخرجه البخاري في "صحيحه" من رواية شعبة، عن عمرو بن دينار، عن طاوس، عن ابن عباس بلفظ: "أُمرنا" وهو دال على العموم. انتهى كلام الشوكاني رحمه الله تعالى (١).

(على سبعة أعضاء) متعلق بـ"يسجد"

و"الأعضاء": جمع عضو بضم العين، على الأشهر، وتكسر، وهو كلُّ عظم وافر من الجسد. قاله في "المصباح".

وفي النسخة الهندية: "أَعْظُم" بدل "أعضاء"، وهو الذي في "الكبرى".

وكأنه سَمَّى كلَّ واحد من هذه الأعضاء عظما باعتبار الجملة، وإن اشتمل كل واحد منها على عظام، فهو من باب إطلاق اسم الجزء على الكل.

وقال العلامة الصنعاني -رحمه الله- "حاشية العمدة": قوله: "على سبعة أعضاء" أي معتمدا عليها في أداء واجب السجود، وهو إيصال المكلف جبهته إلى الأرض تعظيما لله تعالى، والساجد هو الشخص، ونسبة السجود إلى الوجه في مثل "سجد وجهي"، وحديث ابن عمر المتقدم "إن اليدين تسجدان كما يسجد الوجه" مجاز عما يقع به


(١) "نيل الأوطار" ج ٢ ص ٢٩٩.