للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الخامسة): في اختلاف أهل العلم في الساجد على الجبهة دون الأنف، أو على الأنف دون الجبهة.

قال الإمام أبو بكر ابن المنذر رحمه الله تعالى: اختلف أهل العلم في الساجد على الجبهة، دون الأنف:

فممن أمر بالسجود على الأنف ابن عباس، وعكرمة، وعبد الرحمن بن أبي ليلى. وقال سعيد بن جبير: متن لم يضع أنفه على الأرض في سجوده لم تتم صلاته. وقال طاوس: الأنف من الجبين. وقال النخعي: السجود على الجبهة والأنف. وكقول النخعي قال مالك بن أنس، وسفيان الثوري، وأحمد.

وقال أحمد: لا يجزيه السجود على أحدهما دون الآخر.

وقال إسحاق: إذا سجد على الجبهة دون الأنف عمدا فصلاته فاسدة. وقال أبو خيثمة، وابن أبي شيبة: لا يجزيه السجود على أحدهما دون الآخر. وقال الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز: يسجد على سبع، وأشارا بأيديهما الجبهة إلى ما دون الأنف، وقالا: هذا من الجبهة.

وقالت طائفة: يجزئ على جبهته دون أنفه، هذا قول عطاء، وطاوس، وعكرمة، ومحمد بن سيرين، والحسن البصري، وبه يقول الشافعي، وأبو ثور، ويعقوب، ومحمد.

وقال قتادة: رخص في ذلك. وقال سفيان الثوري: يجزيه، ولا أرى له. وقال أحمد: إذا لم يسجد على أنفه ما أجتري أن أحكم.

قال ابن المنذر -رحمه الله-: وهذا مع ما ذكرناه عنه اختلاف من قوله.

وقالت طائفة: إن وضع جبهته، ولم يضع أنفه، أووضع أنفه، ولم يضع جبهته، فقد أساء، وصلاته تامّة. هذا قول النعمان، وهو قول، لا أحسب أحدا سبقه إليه، ولا تبعه عليه. وقال يعقوب، ومحمد: إن سجد على أنفه دون جبهته، وهو يقدر على السجود على جبهته لم يجزه ذلك. انتهى كلام ابن المنذر رحمه الله تعالى. "الأوسط" ج ٣ ص ١٧٤ - ١٧٧.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: الراجح عندي من هذه الأقوال قول من قال بوجوب السجود على الجبهة والأنف، لظاهر حديث الباب، فإنه سَوَّى بين هذه الأعضاء في الأمر بالسجود عليها، فلا يجوز الاكتفاء ببعضها بلا حجة تجيز ذلك، ولا ضرورة تلجىء إليه. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة السادسة): قال ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى أيضا: قد يستدلّ بهذا