للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الطيبات من الأفعال والأقوال والأوصاف، وطيبُ الأوصاف كونها بصفة الكمال، وخلوصها عن شوائب النقص. انتهى كلام ابن دقيق العيد رحمه الله تعالى (١).

وقال القرطبي: قوله: "لله" فيه تنبيه على الإخلاص في العبادة، أي أن ذلك لا يُفعَل إلا لله. ويحتمل أن يراد به الاعتراف بأن مُلكَ الملوك وغير ذلك مما ذكر كله في الحقيقة لله تعالى.

وقال البيضاوي: يحتمل أن يكون "والصلوات"، "والطيبات" عطفا على "التحيات"، ويحتمل أن تكون "الصلوات" مبتدأ، وخبره محذوف، و"الطيبات" معطوفة عليها، والواو الأولى لعطف الجملة على الجملة، والثانية لعطف المفرد على الجملة.

وقال ابن مالك: إن جعلت "التحيات" مبتدأ، ولم تكن صفة لموصوف محذوف كان قولك: "والصلوات" مبتدأ، لئلا يعطف نعت على منعوته، فيكون متن باب عطف الجمل بعضها على بعض، وكلّ جملة مستقلّة بفائدتها، وهذا المعنى لا يوجد عند إسقاط الواو (٢).

(السلام عليك أيها النبي) قيل: معناه التعويذ بالله، والتحصين به سبحانه وتعالى، فإن "السلام" اسم له سبحانه وتعالى، تقديره: الله حفيظ عليك وكفيل، كما يقال: الله معك، أي بالحفظ والمعونة واللطف. وقيل: معناه السلامة والنجاة لك، ويكون مصدرا كاللذاذة واللذاذ كما قال الله تعالى: {فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ} [الواقعة: ٩١] (٣). وقيل: الانقياد لك، كما في قوله تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: ٦٥].

قال الإمام ابن دقيق العيد -رحمه الله-: وليس يخلو بعض هذا من ضعف؛ لأنه لا يتعدى السلام ببعض هذه المعاني بكلمة "على". انتهى (٤).

وقال النووي رحمه الله تعالى: (واعلم): أن "السلام " الذي في قوله: "السلام عليك أيها النبي" "السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين" يجوز فيه حذف الألف واللام، فيقال: "سلام عليك أيها النبي"، و"سلام علينا"، ولا خلاف في جواز الأمرين هنا، ولكن الألف واللام أفضل، وهو الموجود في روايات صحيحي البخاري ومسلم،


(١) "إحكام الأحكام" ج ٣ ص ٨ - ١٠ زيادة من "الفتح".
(٢) راجع "الفتح" ج ٢ ص ٥٧٧.
(٣) انظر "شرح النووي على صحيح مسلم" ج ٤ ص ١١٧.
(٤) "إحكام الأحكام" ج ٣ ص ١١ - ١٢. بنسخة الحاشية.